قاله في "المبدع"(٣)(ولا بدَّ) لصحة المسابقة (من تعيين المركوبين) لا الراكبين؛ لأن
(٣) مسألة: تصح المسابقة بعوض في أمور ثلاثة وهي: المسابقة في الإبل، والخيل، والسهام فقط، وغيرها تصح المسابقة فيها لكن بغير عوض - وهو ما يُعطى للأسبق -؛ للسنة القولية: حيث قال ﵇: "لا سبق إلّا في نصل، أو خف، أو حافر" والمقصود بالنصل هو: السهام، وبالخف هو: الإبل، وبالحافر: هي الخيل ويشمل ذلك البغال، والحمير، والنفي هنا: نهي، وهو مطلق، فيقتضي تحريم المسابقة بعوض بغير تلك الثلاثة، أما في الثلاثة فتجوز بعوض؛ حيث إن الاستثناء من النفي إثبات، فإن قلتَ: ما الدليل من هذا النص على أنها تجوز بعوض؟ قلتُ: من لازم الحال؛ حيث إن تلك الثلاثة من آلات الحرب المأمور بتعلُّمها، والتدريب عليها، والتفوّق فيها، ولا يُمكن أن يحصل ذلك إلّا إذا جُعل عوضًا في ذلك؛ حيث إن المتسابق يجتهد في تعلُّمها إذا علم أن هناك عوضًا على ذلك يُعينه على تلك الطاعة؛ يؤيد ذلك: قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾ وكذا قوله ﷺ: "ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي" والإبل والحمير، والبغال والخيل؛ نظرًا لحملها أثقال العساكر فتلحق بها من باب "مفهوم الموافقة" تنبيه: قوله: "لم يذكر ابن ماجه النصل في روايته" قلتُ: هذا لا يضر ما دام أن الحديث قد صححه أكثر أئمة الحديث.
(فرع): تصح المراهنة والمغالبة بالعوض في باب العلم، وهو مذهب أبي حنيفة، وصححه ابن تيمية وابن القيم؛ للقياس الأولى، بيانه: كما تجوز المراهنة والمغالبة على آلات الجهاد - وهي: الخيل، والسهام، والإبل - فمن باب أولى جواز ذلك في العلم، والجامع: أن كلًّا منهما مما ينتفع به في الدِّين، فإن قلتَ: لِمَ كان قياسًا أولى هنا؟ قلتُ: لأن القصد الأول هو: إقامة الدِّين بالحجج والبراهين العلمية، والقوة من: سهام، وخيل، وسيوف مجرَّد آلات تنفيذ فقط. (فرع ثان): تصح المصارعة بعوض؛ للسنة الفعلية؛ حيث إنه ﷺ وقد صارع ركانة على شاة، وهو زيادة على الحديث السابق، فيؤخذ بها.