تيقنهما) أي: تيقن الطهارة والحدث (وجهل السابق) منهما (فهو بضد حاله قبلهما) إن علمها: فإن كان قبلهما متطهر: فهو الآن محدث، وإن كان محدثًا: فهو الآن متطهر؛ لأنه قد تيقن زوال تلك الحالة إلى ضدها، وشك في بقاء ضدها، وهو الأصل، وإن لم يعلم حاله قبلهما: تطهر (٢٢)، وإذا سمع اثنان
صوته عند الخروج، أو بشم ريحه، فهنا يحكم بنقض طهارته، أما إذا شك فلم يسمع ولم يشم شيئًا ولكنه متردِّدًا: فلا ينتقض وضوؤه، ولا يبطل ما تيقن منه من الطهارة بهذا الشك، فإن قلتَ: لِمَ لا يُلتفت إلى الشك؟ قلتُ: للمصلحة حيث إنه لو التفت كل شخص إلى ما يشك فيه وعمل به: للحق كثيرًا من الناس الضيق والمشقة؛ لكثرة ما يقع منهم من الشك في حياتهم. (٢٢) مسألة: إذا أراد شخص أن يصلي الظهر - مثلًا - وهو متيقن أنه متطهر، ومتيقن أنه محدث - أيضًا -، ولكنه لا يعلم أيُّهما الأول؟، فإنا نسأله عن حاله قبل دخول وقت الظهر، وله ثلاثة أحوال: الحالة الأولى: إن قال: إني كنت - قبل دخول وقت الظهر - محدثًا: فإنا نقول له: أنت الآن متطهر فلك أن تصلي الظهر على تلك الطهارة؛ للاستصحاب؛ حيث إنه قد تيقن من انتقاله من الحدث إلى الطهارة، ولكنه شك في زوال تلك الطهارة؛ لكون الحدث المتيقن بعد دخول الوقت يحتمل أنه كان قبل الطهارة، ويُحتمل أنه كان بعدها، إذن: يكون وجوده بعدها مشكوكًا فيه، فيُستصحب المتيقن منه - وهي: الطهارة - ويُعمل، ولا يُلتفت إلى المشكوك فيه، الحالة الثانية: إن قال: "إني كنتُ قبل دخول وقت الظهر متطهرًا" فإنا نقول له: أنت الآن محدث، فيجب عليك أن تتطهر لصلاة الظهر؛ للاستصحاب؛ حيث إنه متيقن من انتقاله من الطهارة إلى الحدث، ولكنه شك في زوال الحدث؛ لأن الطهارة المتيقنة بعد دخول الوقت يُحتمل أنها كانت قبل الحدث، ويُحتمل أنها كانت بعده؛ إذن: يكون وجودها بعده مشكوكًا فيه، فيستصحب المتيقن منه - وهو: الحدث - ويعمل به، ولا =