(وهي) أي: المسابقة (جعالة لكل واحد) منهما (فسخها)؛ لأنها عقد على ما لا تتحقق القدرة على تسليمه إلا أن يظهر الفضل لأحدهما: فله الفسخ دون صاحبه (٩)
= العِوَض من الإمام أو نائبه، أو شخص غيرهما، أما إن كان العِوَض من نفس المتسابقين: فلا يجوز؛ للمصلحة: حيث إن ذلك مما يقوي الأجسام، ويُعلِّم الجهاد، ويُعمِّم النفع، وهذا يدفعه الإمام الأعظم، أو من يُنيبه، أو شخص آخر قد تبرَّع به؛ لجواز ذلك في غير المسابقة فيجوز فيها؛ لنفعه العام للمسلمين، فإن قلتَ: لم لا يجوز إذا كان العِوَض من نفس المتسابقين قلتُ: لأنه لا يخلو في هذه الحالة من كون كل واحد منهما: إما أن يغرم أو يغنم، وهذا هو القمار المحرم.
فإن قلتَ: إن هذا لا يصح إلّا إذا كان العوض من الإمام أو نائبه؛ للقياس؛ بيانه: كما أنهما مختصَّان بتولية الولايات دون غيرهما، فكذلك يختصان بجعل عوض للمتسابقين والجامع: أن هذا مما يحتاج إليه في الجهاد في كليهما فلا يتعدَّاهما قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأنهما فعلًا مختصان بتولية الولايات، ولكن دفع العوض لا يُماثل ذلك، ولا يقاربه؛ لأنه ليس من السياسة في شيء، بل يستطيع أي أحد أن يدفع العوض كمن تبرَّع بشراء سلاح للجيش فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس مع المصلحة" وقد بيّنا ذلك.
(٩) مسألة: عقد المسابقة بين المتسابقين عقد جائز، وليس بلازم، وعلى ذلك: يجوز لأحدهما أن يفسخها بدون عذر: سواء قبل الشروع في المسابقة، أو بعدها بشرط: أن لا يظهر الفضل لأحدهما وغلبه، فإن ظهرت غلبة أحدهما فله الفسخ دون مسابقة الآخر، أي: للفاضل الفسخ دون المفضول، والعوض الذي يستحقه السابق والفاضل هو: يُعتبر جعل في نظير عمله وسبقه الذي تسبَّب في المشقة عليه؛ للقياس؛ بيانه: كما أن العقد مع شخص تريده أن يرد عبدًا لك هاربًا عقد جائز، يستطيع أحد العاقدين أن يفسخ العقد بشرط: أن لا يبذل المستأجر جهدًا في البحث عن العبد فكذلك عقد المسابقة مثل ذلك =