للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= العارية - قد تضمَّن الإذن في الإتلاف الحاصل بسبب الاستعمال، فيلزم عدم ضمانها؛ لكونه فعل ماله فعله شرعًا؛ إذ ما أذن في إتلافه غير مضمون. ثانيًا: إن كان قد استعملها فيما استعيرت له: فلبس الثوب ليوم الجمعة والزينة فقط، وانتفع بكتب العلم الموقوفة فتلفت بسبب تفريطه، وتعدِّيه بأن جعلها قريبة من نار أو نحو ذلك: فإنه يضمنها، أو استعملها في غير ما استعيرت له: بأن ليس الثوب في غير أيام الجمع والزينة، أو جعله حافظًا للطعام، أو استعمل الكتب لأغراض غير القراءة؛ فإنه يضمنها: سواء تعدَّى هنا أو لا؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية: وهي من وجهين: أولهما: قوله : "على اليد ما أخذت حتى تؤدِّيه"، وهذا عام؛ لأن "ما" الموصولة من صيغ العموم، فيشمل ذلك العارية، فيجب أن تُرجع العارية لصاحبها؛ لأن "على" من صيغ الوجوب، وهو مطلق في الاستعمال، ثانيهما: أن النبي قد استعار من صفوان بن أمية درعًا يوم حنين، فقال: صفوان: أغصب يا محمد؟ فقال : "بل عارية مضمونة" فوصف النبي ذلك الدرع بأنه عارية مضمونة، أي مردودة، فإن تلفت: فيرد مثلها أو قيمتها، وهذا مطلق: أي يضمن سواء تلف بسبب تعدٍّ، وتفريط أو لا، أو تلف بسبب استعمالها فيما استعيرت له، أو لا، وقيَّد هذين النصين، القياس؛ بيانه: كما أن الغاصب الثوب ونحوه يضمنه إذا تلف، فكذلك المستعير للثوب إذا استعمله ثم تلف بسبب تعدٍّ، أو تفريط، أو استعماله في غير ما استعير له يضمنه، والجامع: أن كلًّا منهما يُسمَّى متعدٍّ ومُستعمِل للشيء - وهو المغصوب والعين المعارة - من غير إذن شرعي، وعلى هذا فإن المستعير لا يضمن إذا استعمل العين المعارة فيما استُعيرت له بدون تفريط، أو تعدٍّ؛ ويضمن إذا تعدَّى أو فرَّط في استعمالها فيما استعيرت له، وكذا إذا استعملها في غير ما استعيرت له يضمنها مطلقًا - أي: يضمنها في الحالة الأخيرة - ولو لم يفرط أو =

<<  <  ج: ص:  >  >>