صفة القبض، والأصل فيما يقبضه الإنسان من مال غيره الضمان؛ للأثر، ويُقبل
قول الغارم في القيمة (٢٩)(أو اختلفا في ردٍّ: فقول المالك): لأن المستعير قبض
العين؛ لحظ نفسه، فلم يُقبل قوله في الرَّدِّ (٣٠)، وإن قال:"أودعتني" فقال:
"غصبتني" أو قال: أودعتك قال: "بل أعرتني": صُدِّق المالك بيمينه، وعليه الأجرة
(٢٩) مسألة: إذا أخذ زيد من عمرو دابة، ثم تلفت، واختلفا: فقال المالك - وهو عمرو:"إني أعرتك إياها" وقال من تلفت تحت يده - وهو زيد -: "أجرتني إيّاها": ولا بيّنة لأحدهما: فإنه يُقبل قول المالك - وهو عمرو - مع يمينه، وعلى زيد أن يدفع مثلها إلى المالك - وهو عمرو - وإن لم يوجد مثل لها: فإنه يدفع له قيمتها يوم تلفها: سواء كانت تلك القيمة أكثر من أجرتها أو أقلَّ؛ للاستصحاب؛ حيث إن الأصل عدم الإجارة، والأصل في كل ما يقبضه الإنسان من مال غيره الضمان؛ لقوله ﷺ:"على اليد ما أخذت حتى تؤدِّيه" فنستصحب هاتين القاعدتين ونعمل بهما؛ لعدم وجود مُغيِّر، والمقصد من ذلك واضح.
(٣٠) مسألة: إذا استعار زيد من عمرو ثوبًا واختلفا في ردِّها، فقال المستعير: - وهو زيد -: "إني قد رددتها عليك" فنفى ذلك المالك - وهو المعير وهو عمرو - قائلًا:"لم أستلمها" ولا توجد بيّنة لأحدهما: فإنه يُقبل قول المالك مع يمينه؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﵇:"البيّنة على المدعي، واليمين على من أنكر" والمالك هنا هو المنكر، ولا بيّنة للمستعير، فيُقبل قول المالك مع يمينه، الثانية: التلازم؛ حيث يلزم من كون المستعير قد قبض العارية لنفع نفسه فقط، دون المعير - وهو المالك وهو عمرو هنا -: أن لا يُقبل قوله في الرَّد؛ لأن من أقرَّ بقبضه لشيء من شخص ثم ادَّعى بردِّه إلى صاحبه: فإنه لا يُقبل قوله إلّا ببيِّنة، فإن قلتَ: لِمَ شُرع ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية المالك والمعير من تحايل بعض الناس على أكل ماله من غير وجه حق.