المني (ولم يخرج: اغتسل له)؛ لأن الماء قد باعد محلَّه، فصدق عليه اسم "الجنب" ويحصل به البلوغ ونحوه مما يترتب على خروجه (فإن خرج) المني (بعده) أي: بعد غسله؛ لانتقاله:(لم يُعِدْه)؛ لأنه مني واحد فلا يوجب غُسْلين (٤)(و) الثاني (تغيُّب
مرجوحًا، ويُحتمل احتمالًا راجحًا في الحالة الثالثة: أن يكون السائل مذيًا، والمذي نجس، يجب غسل البقعة الساقط عليها - كما سبق -.
(٤) مسألة: إذا أحس بانتقال المني بشهوة، ولكنه لم يخرج بسبب مسكه لذكره أو غير ذلك: فإن هذا لا يوجب الغسل، وهو قول الجمهور؛ للسنة القولية وهي من وجهين: أولهما: قوله ﷺ: "إذا رأت ذلك المرأة فلتغتسل" - وهو حديث أم سليم - ثانيهما: قوله ﷺ: "إذا فضحت الماء فاغتسل" - وهو حديث علي - حيث دل مفهوم الشرط من هذين الحديثين على أن الاغتسال لا يجب إذا لم يُر الماء بالعين أو أحس بخروجه قطعًا أو غلبة الظن، - وهو: لم يُدخله في الفرج - فإن قلتَ: لِمَ لا يوجب ذلك الغسل؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تيسير على العباد؛ فلو وجب الغسل بذلك: لَلَحِق أكثر المسلمين ضيق وحرج ومشقة، لكثرة وقوع ذلك، فإن قلتَ: إن هذا يوجب الغسل إن كان بشهوة وإن لم يخرج مني، ويُحكم ببلوغ الصبي بذلك كما لو خرج فعلًا، وهذا ما ذكره المصنف هنا؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ والجنب هو: تباعد الشيء عن محله الأصلي، وإذا انتقل المني من محله الأصلي فقد صدق عليه اسم "الجنب" وعليه: فيجب الغسل والتطهر لذلك؛ لوصفه بأنه "جُنُب"؛ لأن الأمر مطلق، فيقتضي الوجوب، الثانية:
القياس، بيانه: كما أنه يجب الغسل إذا خرج المني بشهوة فكذلك يجب الغسل من انتقال المني بشهوة والجامع: وجود الشهوة في كل، قلتُ: لا نسلِّم أن المجانبة - المأخوذة من لفظ "الجنب" الوارد في الآية - تحصل من انتقال المني من جهة إلى جهة أخرى في الجسم، بل لا تحصل إلا بخروج المني من الجسم كله، وبهذا يجب عليه الاغتسال أما قبل خروجه فلا يجب، أما قياسهم: فهو فاسد؛ لأنه قياس =