ولا إبطال حق مسلم، واستدلّ الأصحاب بما روى أبو هريرة: أن النبي ﷺ قال: "لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل"(٤)(وتثبت) الشفعة
ما جرى مجراه كالصلح عن إقرار بمال والصلح عن الجناية الموجبة للمال، وكذا: الهبة المشروط فيها ثواب معلوم؛ أما إذا انتقل نصيبه بعوض غير المال مثل: أن يموت عمرو، ويرثه بكر، أو أن يجعل عمرو نصيبه صداقًا لامرأة، يريد أن يتزوجها، أو يجعله عِوَضًا عن خلع، أو يوهبه لبكر بلا ثواب، أو يتصدَّق به على بكر، أو يوصي به له، أو يجعله صلحًا عن دم قتل عمد: فإن هذا لا تصح فيه الشفعة؛ للقياس، وهو من وجهين: أولهما: كما أن الشفعة ثابتة في المبيع؛ نظرًا لورود خبر جابر -السابق فيه- فكذلك تثبت في الصلح عن إقرار بمال، والصلح عن الجناية الموجبة للمال، والهبة التي فيها ثواب ونحو ذلك مما جرى مجرى المبيع والجامع: أن كلًّا منها فيه عوض مالي صالح لأن يدفعه الشفيع. ثانيهما: كما أن الشفعة لا تثبت في النصيب الموروث بالإجماع، فكذلك لا تثبت في النصيب الذي جعل صداقًا أو الذي جُعل صُلحًا عن دم قتل عمد، أو الذي وُهب للغير بدون ثواب، أو المتصدَّق، أو الموصى به، أو الذي جُعل عوضًا عن خلع، والجامع: أنه في كلٌّ منها قد ملك نصيب شريكه بغير مال، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه إيضاح أن الشفعة لا تصحّ إلّا بالشيء الواضح الجلي كالمبيع أما ما لم يتّضح: فلا شفعة فيه؛ دفعًا للضرر، والجهالة، واللَّبس.
(٤) مسألة: تحرم جميع الحيل التي تؤدي إلى إسقاط الشفعة وتحرّم جميع الحيل التي تسقط أيَّ حق لأي مسلم، كأن يشترك عمرو وزيد في ملك دار، ثم يبيع عمرو نصيبه على بكر بعشرة آلاف ثم يبين عمرو وبكر لزيد أن ثمن هذا مائة ألف؛ لينفر زيد ولا يشفع؛ نظرًا لغلاء الثمن ونحو ذلك مما يبطل الشفعة كأن يسقطها بالوقف أو الصدقة؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية وهي من وجوه: أولها: قوله ﷺ: "لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلّوا محارم الله بأدنى الحيل" حيث حرّم الحيل وإن =