في حرز مثلها) عرفًا، كما يحفظ ماله؛ لأنه تعالى أمر بأدائها، ولا يمكن ذلك إلّا بالحفظ، قال في "الرعاية": من استودع شيئًا: حفظه في حرز مثله عاجلًا مع القدرة وإلا: ضمن (٤)(فإن عينه) أي: الحرز (صاحبها، فأحرزها بدونه: ضمن): سواء ردَّها إليه أو لا؛ لمخالفته في حفظ ماله (٥)(و) إن أحرزها (بمثله، أو أحرز) منه:
= العلماء على ذلك، ومستند هذا: القياس؛ بيانه: كما أن الشخص لو أتلف مال غيره من غير استيداع يضمنه لصاحبه، فكذلك لو تلفت الوديعة بسبب تعد المودع أو تفريطه يضمنها والجامع: أنه في كل منهما قد أتلف مال غيره من غير عذر، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية أموال المسلمين من تعدِّي الآخرين عليها. تنبيه: الحديث الذي ذكره المصنف - وهو:"من أودع وديعة فلا ضمان عليه" لا يصلح للاستدلال به؛ لضعف سنده؛ حيث إن فيه المثنى بن الصباح، وهو متروك - كما في تلخيص الحبير (٣/ ١١٢).
(٤) مسألة: يجب على المودَع: أن يحفظ الوديعة بنفسه، أو من يثق به من وكيله، أو زوجته، أو رقيقه، أو ولده، وأن يضعها في حرز منيع يحفظ ماله فيه أو فيما يُماثله مما تحفظ فيه الأشياء عادة، فإن لم يفعل ذلك عاجلًا مع قدرته على ذلك: فإنه يضمنها إذا تلفت؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿إن الله يأمركم أن تؤدُّوا الأمانات إلى أهلها﴾ فأوجب الشارع أداء الأمانة وتسليمها لصاحبها؛ لأن الأمر مطلق، وهو يقتضي الوجوب، ولا يتمّ أداء وتسليم الأمانة - وهي الوديعة - إلا بعد حفظها في حرز مثلها، فوجب أن يحفظها بماء يحفظ به أمواله، من باب "ما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجب" الثانية: التلازم؛ حيث يلزم من مقصود الوديعة ومشروعيتها، أن يحفظها المودَع للمودِع فوجب، ويلزم من عدم الحفظ: ضمانها إذا تلفت فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه التأكيد على وظيفة المودَع؛ لئلا يُفرِّط فيها.
(٥) مسألة: إن عين المودع حرزًا وموضعًا للمودَع، وقال:"احفظ الوديعة فيه"،=