(فلا) ضمان عليه؛ لأن تقييده بهذا الحرز يقتضي ما هو مثله، فما فوقه من باب أولى (٦)(وإن قطع العلف عن الدابة) المودعة (بغير قول صاحبها: ضمن)؛ لأن العلف من كمال الحفظ، بل هو الحفظ بعينه؛ لأن العرف يقتضي علفها وسقيها، فكأنه مأمور به عرفًا (٧)، وإن نهاه المالك عن علفها وسقيها: لم يضمن؛ لإذنه في
= فأحرزها وحفظها المودَع فيما هو أدون منه: فإن يضمنها إذا تلفت، وهذا مطلق، أي: سواء ردَّ المودَع تلك الوديعة إلى الحرز والموضع الذي عيَّنه المودِع أو لم يردَّها إليه؛ للتلازم؛ حيث يلزم من تعدِّي المودَع بوضع الوديعة فيما هو أدون مما عيّنه المودِع حرزًا لها: أن يضمنها إذا تلفت، فإن قلت: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن صاحبها - وهو المودِع - أعلم بماله، وما يناسبه من الحفظ، فلما خالفه يجب أن يتحمَّل نتيجة تلك المخالفة.
(٦) مسألة: إن عيَّن المودِع حرزًا وموضعًا للمودَع وقال له: "احفظ الوديعة فيه" فأحرزها المودَع بمثله أو أعلى وأقوى مما عيَّنه المودِع: فإنه لا يضمنها إذا تلفت؛ للتلازم؛ حيث يلزم من تعيين المودِع هذا الحرز وتقييده به: أن يحرزه ويحفظه فيما هو مثله، وما هو أعلى وأحرز وأقوى منه؛ لكونه حفظه في مثله وزيادة، فإن قلتَ: لِمَ شُرّع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه التأكيد على حماية الوديعة، وحفظ حقوق الآخرين.
(٧) مسألة: إذا أودع زيد عمرًا دابة، وقال:"اجعلها عندك وديعة" وسكت: فيجب على المودَع - وهو عمرو - أن يُعلَّفها ويسقيها، فإن قطع عمرو عنها ذلك، فتلفت بأن ماتت أو مرضت: فإنه - أي: عمرو - يضمنها؛ للعرف والعادة؛ حيث إنه قد جرى العرف والعادة على أن الدابة لا تحيا بدون أكل وشرب - كالإنسان - فيكونان كأنه مأمور بهما عرفًا، فلو ترك ذلك: فإنه يضمنها؛ لتركه حفظها بهما، والعادة محكَّمة.