(ادَّعى وارثه الرَّد منه) أي: من وارث المودع لربِها (أو من مورِّثه) وهو المودَع (لم يُقبل إلّا ببيِّنة)؛ لأن صاحبها لم يأتمنه عليها، بخلاف المودَع (٣١)(وإن طلب أحد المودِعين نصيبه من مكيل أو موزون ينقسم) بلا ضرر: (أخذه) أي: أخذ نصيبه، فيُسلَّم إليه؛ لأن قسمته ممكنة بغير ضرر ولا غبن (٣٢) (وللمستودع، والمضارب، والمرتهن،
= عندي شيء" أو قال: "لا حقَّ لك قِبَلي" أو قال: "لا تستحق عليّ شيئًا": فإنه يُقبل قوله في الرَّد والتلف مع يمينه ولو قامت بيّنة على أن عنده لزيد وديعة، أو هو أقربها، ولا ضمان عليه، وكذا: إن ادَّعى المودَع ردَّها إلى صاحبها، أو تلفها بعد أن جحدها بالبيّنة: يقبل قوله في الرد والتلف مع يمينه، ولا يضمنها؛ للتلازم؛ حيث يلزم من عدم منافاة قوله لما شهدت به البيّنة ولا يكذبها: قبول قوله مع يمينه وعدم ضمانها؛ لأن من تلفت الوديعة من حرزه بغير تفريطه لا شيء لمالكها عنده ولا يستحق عليه شيئًا.
(٣١) مسألة: إذا أودع زيد عمرًا وديعة، فمات المودَع - وهو عمرو فادَّعى وارثه - أي: وارث عمرو - أنه قد ردَّ تلك الوديعة بنفسه إلى زيد، أو ادَّعى وارثه: أن مورِّثه - وهو عمرو - قد ردّ تلك الوديعة بنفسه قبل أن يموت: فإن قول هذا الوارث لا يُقبل إلّا ببيِّنة ودليل على ذلك؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون صاحبها - وهو زيد - لم يأتمنه على تلك الوديعة: أن لا يُقبل قوله إلّا ببيِّنة كغيره من الأجانب، بخلاف المودَع نفسه: فإنه يُقبل بقوله في الرَّد والتلف بغير بينة؛ لكونه مأمونًا من قبل المودِع - كما سبق تكرار ذكره، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية لحق المودِع.
(٣٢) مسألة: إذا أودع ثلاثة وديعة عند عمرو: تتكون من مكيل أو موزون لا تتعذَّر قسمته: فطلب أحدهم نصيبه من ذلك المكيل أو الموزون: فإنه يجوز للمودَع - وهو عمرو - أن يُسلِّمه إيَّاه بشرط: أن لا تنقص قيمة الوديعة كلها بتفرقتها بهذه الصورة؛ للقياس؛ بيانه: كما لو أودع زيد عمرًا دراهم، وأودعه بكر دنانير،=