للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أو حفر بئرًا فوصل إلى الماء): فقد أحياه (أو أجراه) أي: الماء (إليه) أي: إلى الموات (من عين ونحوها، أو حبسه) أي: الماء (عنه) أي: عن الموات إذا كان لا يزرع معه؛ (ليزرع: فقد أحياه)؛ لأن نفع الأرض بذلك أكثر من الحائط، ولا إحياء بحرث وزرع (١٠) (ويملك) المحيي (حريم البئر العادية) بتشديد الياء، أي: القديمة،

= مما جرت به عادتهم فهو أولى؛ للتلازم والمصلحة؛ حيث إن كل شيء ورد الشرع به وأطلقه: يلزم منه الرجوع إلى أعراف الناس وعادتهم، كما شرع القبض، والحرز، وقليل الدم الناقض للوضوء وكثيره، وقليل الحركة في الصلاة وكثيرها، ونحوها، ولم يبين مقدار ذلك كله، فرجع فيه إلى عرف متوسطي العقلاء من الناس، ولا يؤخذ رأي المتشددين، ولا المتساهلين في ذلك، وهذا من تيسير الإسلام وسعته المقصودة؛ لطفًا بالمسلمين ومراعاة لظروفهم وأحوالهم.

(١٠) مسألة: إذا حفر شخص بئرًا فوصل إلى الماء، فإنه يكون قد أحياها، وكذلك إذا أجرى الماء من بئره أو نهر إلى أرض موات فقد أحياها، أو كان يزرعها، ثم امتنع: فإنها تبقى على ملكيته بالإحياء، وكذلك: إذا عمد إلى أرض غير صالحة: فقام فأصلحها، وقطع أشجارها، وأبعد حجارتها، ونقَّاها، وحرثها للزرع على ما جرى العرف فيه: فقد أحياها، ومن أحيا أرضًا بأي طريق فقد ملكها بذلك؛ للمصلحة: حيث إن الماء يحصل به الإحياء؛ لأنه بذلك يمكن الانتفاع بالأرض أكثر مما لو حوطها فقط، فإن قلتَ: لا إحياء بمجرَّد حرث أرض أو زرعها فقط، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للتلازم؛ حيث إن ذلك مما يتكرر كلما أراد الانتفاع بها، وهذا يلزم منه عدم اعتباره بالإحياء؛ لاحتمال عدم دوامه قلتُ: هذا لا يُسلَّم؛ بل إن حرثها وسقيها وزرعها إحياء لها، وهو أنفع من تحويطها فقط، فإذا كان مجرد تحويطها يُعتبر إحياء لها: فإن حرثها وسقيها وزرعها يُعتبر إحياء لها من باب أولى؛ لكون ذلك أنفع، فإن قلت: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض التلازم مع المصلحة" كما هو واضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>