للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حريم لدار محفوفة بملك، ويتصرَّف كل منهم بحسب العادة (١٢)، ومن تحجَّر مواتًا:

= كونه من رواية سعيد بن المسيب -، ثانيهما: أنه اختصم إلى النبي في حريم نخلة: "فأمر بجريدة من جرائدها فذرعت، فكانت سبعة أذرع، أو خمسة، فقضى بذلك" والشجرة كالنخلة؛ لعدم الفارق من باب "مفهوم الموافقة"، الثانية: المصلحة؛ حيث إن صاحب بئر الزرع والغرس يحتاج إلى ما حول ذلك البئر موقفًا لإبله، وغنمه، ودواب سحب الماء، وموضعًا للأحواض التي يجمع فيها الماء لسقي زرعه، ولسقي ماشيته ونحو ذلك، فيحتاج إلى الأذرع الثلاثمائة، أو الخمسين، وما قرب منها لأجل ذلك، وكذلك صاحب الشجرة والنخلة يحتاج إلى مدِّ أغصانها ليتمكّن من تلقيحها، والاستفادة من ظلها، وصاحب الدار يحتاج إلى المرافق التي تجعله يسكن براحة كممر دخوله، ومصب ميزابه، وموضع قمامته ونحو ذلك، ولأجل ذلك شرع ذلك، وهذا مقصد من المقاصد الشرعية، فائدة: المراد بالبئر العادي: القديمة التي أعيدت، وليست منسوبة إلى عاد كما زعم الكثيرون، منهم ابن حجر في التلخيص (٣/ ٧١) - ولو عبَّر المصنف هنا بقوله: "حريم البئر المعادة" لكان أولى، فائدة أخرى: الحريم هو المكان الذي يحرم انتهاكه، لذلك المرأة تسمَّى "حرمة" - كما جاء في المصباح (١/ ١٣٢) -.

(١٢) مسألة: إذا بنى شخص دارًا محاطة بدور أخرى: فلا حريم له، أي: لا يملك أكثر من مساحة داره؛ وهو وكل واحد من أصحاب الدور والأملاك المحيطة به يتصرَّف في داره المملوكة له والطريق الذي أمامها على حسب العادة والعرف في ذلك، فإن تعدَّى واحد من المتجاورين: فإن الحاكم يمنعه؛ للمصلحة: حيث إن الحريم ومقدار ما يملكه يُعتبر من المرافق التي يُنتفع بها، ولا يحقُّ له أن ينتفع بأملاك غيره بدون إذنه؛ لما فيه من الضرر على ذلك الغير، فدفعًا لذلك: شرع هذا الحكم من باب: "دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح".

<<  <  ج: ص:  >  >>