ولقطة) فإن كانت في يده فجعل مالكها جعلًا؛ ليردَّها: لم يُبح له أخذه (٤)(و) كـ
= قلت: لِمَ حازت؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الحاجة تدعو إلى الجعالة؛ حيث إن بعض الناس يُخرج بعض الجوائز والمكافآت التي يقدر عليها لأجل أن يقوم أيُّ شخص لعمل شيء له من رد عبد هارب، أو بناء جدار، أو نحو ذلك كشركة المضاربة، والإجارة: إلا أنها أوسع منهما من حيث عدم تقدير مدَّة، وعدم لزومها وعدم تعيين العامل ونحو ذلك؛ تيسيرًا على الناس، فإن قلت: لا تجوز الجعالة إلّا في ردِّ عبد هارب فقط، وهو قول الحنفية؛ للمصلحة حيث إن الجعالة - كما سبق بيانها - فيها غرر وجهالة؛ حيث إنه يُجهل العمل، والمدة، فقد يكون العمل شاقًا، والأجرة قليلة وقد يكون العكس، وفي ذلك غرر وضرر على العاقدين، فدفعًا لذلك لا تجوز، وإنما صحَّت الجعالة على رد عبد هارب؛ للاستحسان؛ حيث إنه يُستحسن دفع جعل أو جائزة لمن يرد العبد الهارب من سيده. قلتُ: إنه إذا جازت الجعالة في رد العبد فإنها تجوز في غير ذلك من الأعمال بجامع: أن كلًّا منها فيه مصلحة، وما هربتم منه من عدم العلم بالعمل، أو المدَّة فقد وقعتم فيه في الجعالة على ردِّ العبد الهارب؛ إذ يوجد في رد العبد جهالة وغرر، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض المصلحة مع الكتاب، والسنة التقريرية" فيقدمان عندنا عليها، وأيضًا:"تعارض مع المصلحتين" فعندنا: تقدم المصلحة العامة؛ وهي قضاء قضاء حاجات المسلمين في جواز الجعالة، وهي أعظم منفعة مما قالوا من المصالح.
(٤) مسألة: الجعالة مشروعة في شيء لم يكن في يد العامل - أو المعطى للجعل - فمثلًا: لو قال زيد - وهو المالك للعبد - لعمرو - وهو القابض لذلك العبد -: "من ردَّ عبدي فله جُعلا وجائزة": فردَّه عمرو إلى زيد: لم يجز لعمرو أن يأخذ الجعل؛ للتلازم؛ حيث يلزم من حصول العبد تحت يده بدون جهد أو عقد: عدم جواز أخذه للجعل؛ لكونه أخذه بدون جهد ولانه حاصل قبل العقد، وهو المقصد منه.