بإسلامه، ويُستتاب، فإن تاب وإلا قُتل (٢٢)(وإن ادَّعاه جماعة: قدِّم ذو البيّنة) مسلمًا أو كافرًا، حرًا، أو عبدًا؛ لأنها تظهر الحق وتبيّنه (٢٣)(وإلا) يكن لهم بيّنة، أو
= أو كان هذا الاعتراف ورد جوابًا - بأن ادَّعى زيد عليه بالرق فقال ذلك اللقيط:"نعم أنا رقيق له" - فكل ذلك لا يُقبل إلّا إذا ثبتت بينة في ذلك؛ للاستصحاب؛ حيث إن الأصل هو الحرية، ولا يُترك ذلك الأصل إلّا ببيِّنة وقرينة تثبت ذلك، وكون ذلك المنبوذ - وهو اللقيط - لا يعرف رقَّ نفسه، ولا حريتها، ولم يوجد شيء يدلّ على ذلك لا يصلح أن تكون بيِّنة على رقه، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية هذا اللقيط من أن يؤذي بسبب رقه.
(٢٢) مسألة: إذا قال اللقيط بعد بلوغه وعقله: إنه كافر: فإنه لا يُقبل منه، بل يُستتاب ثلاثة أيام فإن تاب، وإلا قتل؛ للقياس؛ بيانه: كما أن المسلم لو ترك الإسلام: لا يُقبل منه، ويُستتاب ثلاثة أيام ثم يُقتل إن لم يعد للإسلام فكذلك هذا اللقيط القائل: إنه كافر يُفعل به ذلك - والجامع: أن كلًّا منهما قد حُكم عليه بالإسلام: إما بإقراره - وهو مكلَّف -، أو بوجوده في دار الإسلام، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه دفع مضرة عن هذا اللقيط في الدنيا والآخرة.
(٢٣) مسألة: إذا ادَّعى ذلك اللقيط جماعة من الأشخاص كل يدّعي بأنه ولده: فإنه ينظر في بيّناتهم، فإذا ثبتت بيّنة قوية تُلحقه بأحد هؤلاء الأشخاص: قُدِّم، وأُلحق به، وهذا مطلق، أي: سواء كان صاحب البيّنة القوية مسلمًا، أو كافرًا، حرًا، أو عبدًا، للتلازم؛ حيث إنه يلزم من كون البيّنة مظهرة ومبينة وموضحة للحق بعد خفائه: أن يحكم لصاحبها بهذا اللقيط، ويُلحق به، فإن قلتَ: المسلم والكافر، والحر والعبد ليسوا سواء في ذلك فالمسلم أولى من الكافر الذمي، والحر أولى من العبد، وهو قول أبي حنيفة، للمصلحة: حيث إن إلحاقه بالكافر الذمي، وبالعبد=