ولا تصح معلَّقة (٢٢)، ولا مؤقتة (٢٣)، إلا نحو "جعلتها لك عمرك، أو حياتك، أو عمري، أو ما بقيت": فتصح، وتكون لموهوب له، ولورثته بعده (٢٤)، وإن قال:
(٢٢) مسألة يصح تعليق الهبة والهدية والعطية على شرط مستقبل كقول الواهب: "إذا جاء رأس الشهر: فهذه السيارة لك هبة" وهو قول ابن القيم؛ للتلازم؛ حيث يلزم من عدم مخالفة هذا الشرط لأصل من أصول الشريعة: صحة ذلك، وفيه تيسير على الناس، وهو المقصد منه، فإن قلت: لا يصح تعليق الهبة، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون الهبة تمليكًا للعين: عدم صحة تعليقها بشرط؛ نظرًا لتأخير التمليك بذلك. قلتُ: هذا لا يلزم منه عدم صحة الهبة؛ بل هو تأخير للتمليك، لا منعه، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه "تعارض التلازمين".
(٢٣) مسألة: لا تصح الهبة مؤقتة كقول الواهب: "وهبتك هذه الدار ستة أشهر مثلًا"؛ للقياس؛ بيانه: كما لا يجوز البيع مؤقتًا، فكذلك الهبة مثله، والجامع: أن كلًّا منهما تمليك عين، فلا يصح مؤقتًا.
(٢٤) مسألة: تصح الهبة مؤقتة بتوقيت العمرى والرقبى كقول الواهب: "جعلت لك هذه الدار عمرك" أو يقول: "أعمرتك هذه الدار" أو يقول: "أرقيتك هذه الجارية" أو يقول: "جعلتها لك حياتك" أو يقول الواهب: "جعلتها لك عمري" أو يقول: "جعلتها لك ما بقيت" ونحو ذلك، فهذا يصح، وتكون الهبة للموهوب له ولورثته بعده إلا أن يشترط الواهب عودها إليه بعد موت الموهوب له؛ للسنة القولية: وهي من وجهين: أولهما: قوله ﷺ: "لا ترقبوا ولا تعمروا فمن أرقب شيئًا أو أعمره فهو لورثته" حيث دل على ملك المعمر والمرقب، وعلى أن الورثة يأخذون ما كان لوارثهم من الهبات والعطايا بهذه الطريقة، ثانيهما: قوله ﷺ: "المسلمون على شروطهم" حيث بيَّن ذلك أن الواهب إذا اشترط عود الهبة إليه بعد موت الموهوب له: فله شرطه وهذا كله للتيسير والتوسعة على الناس، فإن =