للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمرض الموت فيقف على إجازة الباقين (٣٢) (ولا يجوز لواهب أن يرجع في هبته اللازمة)؛ لحديث ابن عباس مرفوعًا: "العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه"

وقال لها: "وددتُ لو كنتِ قد حزتيه"؛ إذ يلزم من هذا: أنها لو كانت حازته: لم يكن لباقي أولاد أبي بكر الرجوع بعد موته. قلتُ: أما القياس: فهو فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق، لأن الأب الذي ليس له إلا ولد واحد يكون مال الأب له لوحده في الحياة وبعد الممات، بخلاف من كان له عدد من الأولاد؛ فلهم نصيب مما أخذه، وله نصيب من التركة، أما قول أبي بكر: فعنه أجوبة: أولها، وثانيها قد سبق بيانهما في مسألة (٢٩)، وثالثها: أنه معارض بقول أبي بكر نفسه، حيث أمر قيس بن سعد بن عبادة برد قسمة أبيه حين ولد له ولد لم يكن قد علم، ولا أعطاه شيئًا، وكان ذلك بعد موت سعد، وقد وافقه عمر على ذلك، وإذا تعارضت أقوال الواحد في مسألة واحدة: فإنها تتساقط إذا لم يكن هناك مرجِّح، لأحدهما فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس وقول الصحابي مع السنة القولية."

(٣٢) مسألة: إذا وهب وأعطى الأب أحد أولاده شيئًا دون أولاده الآخرين، وكان هذا الأب في مرض الموت: فلا يصح؛ حيث إن هذا يوقف على بقية الأولاد الآخرين، فإن أجازوه: كان له ما أعطاه إياه أبوه، وإن لم يجيزوه: فعليه أن يُرجعه إلى التركة؛ ليقسم على حسب الشريعة؛ للتلازم؛ حيث إنه يلزم من عطيته في مرضه كونها وصية له، ولو وصّى له: لم يصح؛ لقوله : "لا وصية لوارث" - كما سيأتي بيانه -.

[فرع]: يُكره أن يُقسِّم المسلم ماله على ورثته، بل يتركه ليقسم على حسب الشريعة بعد موته؛ للمصلحة حيث إن ذلك فيه عزٌّ للأب، وعدم ترك ورثته له، وتمكين من سيولد له بعد موته من أخذ حقه بسبب تقسيم التركة بعد موته.

<<  <  ج: ص:  >  >>