متفق عليه (٣٣). (إلا الأب) فله الرجوع: قصد التسوية أولا، مسلمًا كان أو كافرًا؛
(٣٣) مسألة إذا وهب زيد لعمرو -الأجنبي عنه- هبة أو أهداه هدية، أو أعطاه عطية: فيحرم على الواهب والمعطي والمهدي -وهو زيد- أن يرجع في تلك الهبة ويأخذها من عمرو إذا قبض عمرو تلك الهبة؛ لقاعدتين؛ الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه" فقد حرم العود وأخذ الهبة التي وهبها لأي شخص؛ بقرينة قوله:"ليس لنا مثل السوء" فقرينة المثل هذا هو الذي جعله حرامًا، وقال ﵇:"لا يحل الرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها" ولفظ "لا يحل" من ألفاظ التحريم. الثانية: التلازم؛ حيث يلزم من كون الموهوب له -وهو عمرو- قد ملك العين الموهوبة بالإيجاب والقبول والقبض: عدم جواز أخذ الواهب لها؛ لعدم ولايته على مال قد خرج من ملكه بطريق مشروع، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة: حيث إن هذا فيه ضرر على الموهوب له؛ إذ قد يبيع العين الموهوبة له، أو يسدد بها دينه، أو يتصرف بها بأي تصرف فلو أجيز الرجوع: لوقع عليه ضرر واضح في ذلك، فإن قلتَ: يجوز الرجوع في الهبة التي لغير ذي رحم ما لم يُثب عليها، فيجوز أن يرجع الواهب، ويأخذ تلك الهبة من الموهوب له، وهو قول كثير من العلماء؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية: حيث قال ﷺ: "الرجل أحق بهبته ما لم يبث منها" ويلزم من لفظ: "أحق": أن له الرجوع فيها. الثانية: القياس، بيانه: كما أن المعير يأخذ العارية من المستعير، فكذلك الواهب يأخذ العين الموهوبة من الموهوب له، والجامع: أنه في كل منهما لم يحصل له عوض. قلتُ: أما الحديث: فحديثنا أصح وأقوى منه؛ لكونه متفق عليه، وحديثهم: لم يكن كذلك، وأما القياس: فهو فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق، لأن العارية: هبة المنافع فقط، أما الهبة والعطية والهدية فهي هبة وعطية وهدية الأعيان مع منافعها، فافترقا، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه "تعارض السنتين" و "تعارض القياس مع =