لقوله ﵇:"لا يحل للرجل يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده" رواه الخمسة، وصححه الترمذي من حديث عمر، وابن عباس (٣٤)، ولا يمنع
السنة القولية التي ذكرناها".
(٣٤) مسألة: إذا وهب أب ولده هبة: فإنه يجوز له أن يرجع في هذه الهبة ويأخذها من ولده مطلقًا، أي: سواء قصد الأب في رجوعه وأخذه للهبة التسوية بين أولاده أو لا، وسواء كان الأب مسلمًا لما وهب ولده، أو كافرًا؛ للسنة القولية: وهي من وجهين: أولهما: قوله ﷺ: "لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده" فنفى الشارع الرجوع في الهبة، بصورة عامة وأثبت جواز الرجوع للوالد فقط فيما يعطيه لولده؛ لأن الاستثناء من النفي إثبات، وهو من مخصصات العموم المتصلة، ثانيهما: أن النبي ﷺ قال في حديث النعمان بن بشير: "فاردده" وفي رواية: "فارجعه" وهو زيادة ثقة فتقبل فرجع بشير في ذلك وأخذ تلك الهبة من ولده كما صرَّح به ولده نفسه -النعمان- وهذا يدل على جواز الرجوع للأب فقط، دون غيره -كالجد والأم-، فإن قلتَ: إنه ليس للأب الرجوع، وهو رواية عن أحمد، وهو رأي أكثر الحنفية؛ للسنة القولية: حيث إنه ﷺ قال: "العائد في هبته كالعائد في قيئه" وهو عام؛ لأن لفظ "العائد" مفرد محلَّى بأل" وهو من صيغ العموم فلا يجوز الرجوع في الهبة للأب ولا لغيره. قلتُ: إن الحديثين اللذين قد ذكرناهما قد خصَّصا عموم حديثهم هذا وهو واضح. فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: الخلاف في حديث: "العائد في هبته. ." هل هو مخصَّص أو لا؟ فعندنا مخصَّص، حيث لا يشمل الأب، وعندهم: هو باق على عمومه.
[فرع]: الأم ليس لها الرجوع في الهبة التي تعطيها لأحد أولادها؛ للسنة القولية؛ وهي من وجهين، قد سبق ذكرهما في مسألة (٣٤) حيث كان الأب خاصًا بذلك.