أوصى في رمضان الذي بعده: فإنه يُعمل بوصية رمضان، وتبطل الوصية الأولى، أما العطية: فإنه لا يسوَّى فيها بين الذين قد أعطوا، بل يبدأ بالأول، ثم بعده الثاني وهكذا، للتلازم؛ حيث يلزم من كون الوصية تبرُّع بعد الموت، وكونها تكون مرة واحدة: التسوية بين المتقدم والمتأخر، ويلزم من كون العطية لازمة في حق المعطي: عدم التسوية بين المتقدم والمتأخر؛ حيث إنه لو شاركت الثانية الأولى: لمنع ذلك لزومها في حق المعطي، الفرق الثاني: أن الشخص إذا أعطى شيئًا: فإنه لا يملك الرجوع فيها بعد أن قبضها المعطى في الحياة وإن كانت كثيرة ولكن إذا أعطى أكثر من الثلث وهو في حالته فإنه يُمنع، ويُقصر على الثلث فقط، فلا يملك إجازتها هو ولا ردَّها، أما الوصية فيملك الرجوع فيها وتغييرها ونحو ذلك؛ للتلازم؛ حيث يلزم من وقوع العطية لازمة من المعطي: عدم جواز الرجوع فيها، ويلزم من كون الوصية تبرُّع بها بعد الموت: جواز الرجوع فيها في الحياة: فإن قلتَ: لِمَ مُنع من التبرُّع بأكثر من الثلث؟ قلتُ: للمصلحة: حيث إن ذلك فيه حماية لحق الورثة؛ الفرق الثالث: أن القبول للعطية معتبر عند وجودها، أما الوصية: فلا حكم لقبولها ولا ردِّها إلا بعد الموت؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون العطية تمليك في حال العطاء: اعتبار القبول حين ذلك؛ ويلزم من كون الوصية تمليك بعد الموت: اعتبار القبول لها بعد الموت؛ الفرق الرابع: أن العطية تملك من حينها لكن يُراعى حال هذا المعطي في مرض موته: فإن مات من ذلك المرض: فإن العطية تكون من ثلث ماله، وإذا كانت لوارث: فلا يأخذ تلك العطية إلا إذا أذن له بقية الورثة، وإن لم يمت بسبب هذا المرض: فإن العطية تكون من جميع ماله -كما سبق-، وكذلك يختلف الحال بسبب وجود زيادة في ماله وهو مريض، أو وجود خسارة فلذلك رُوعي حال هذا المعطي ليُعلم عاقبة أمره لنعمل بها، أما الوصية: فلا تملك إلّا بعد الموت -كما سبق ـ فلا يكون فيها =