(وإلا) يفضل شيء: (سقط) التبرُّع؛ لأنه لم يوص له بشيء، إلا أن يجيز الورثة، فيُعطى ما أوصى له به، وإن بقي من الواجب شيء: تُّم من رأس المال (٢٧).
وعليه دين قدره عشرة، أو نذر قدره عشرون، ووصّى بثلث ماله: فإنه يبدأ بالدين فيخرج من رأس ماله -وهو عشرة-، ثم يخرج النذر وهو: عشرون، فيبقى ثلاثون، فتخرج الوصية منها -وهي ثلث ما بقي فتكون عشرة، والباقي- وهو: عشرون -توزع على الورثة لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ حيث أثبت الشارع أن حق الورثة يكون بعد قضاء الدَّين وإخراج الوصية، والواجبات الأخرى مما ذكر كالدين؛ لعدم الفارق، من باب "مفهوم الموافقة" الثانية: السنة الفعلية؛ حيث قال علي:"قضى رسول الله ﷺ بالدَّين قبل الوصية" فيقدَّم قضاء الدين وما شابهه من الواجبات قبل إخراج الوصية لذلك، وهذا مفسِّر للآية، فإن قلتَ: إذا كان الدَّين مقدَّم في القضاء على إخراج الوصية فلِمَ قُدِّمت الوصية بالذكر في الآية؟ قلت: للمصلحة: حيث إن إخراج الوصية فيه مشقة على الوارث؛ لأن هذا الأجنبي ـغير الوارث- سيشاركهم في مال مورِّثهم فيشقُّ عليهم ذلك فقُدِّمت؛ اهتمامًا بها وحثًا على إخراجها، بخلاف الدَّين فلا يشق قضاؤه على الوارث؛ نظرًا لرحمتهم للميت من العذاب، وهذا على حسب العادة.
(٢٧) مسألة: إذا قال شخص عليه واجبات من دين، ونذر أو نحوهما:"أدُّوا تلك الواجبات من ثلث مالي" فإنه يبدأ بذلك الثلث ويُقضى الدَّين، والنذر ونحوهما منه، فإن بقي شيء من الثلث: فإنه يأخذه صاحب التبرُّع، وهو المخاطب بذلك، وإن لم يبق شيء من الثلث: فإن التبرع له بالوصية يسقط، إلّا إذا أذن الورثة وأعطوه شيئًا زائدًا على الثلث فيجوز، أما إن بقي من الواجبات شيء لم يُقض، ولم يف الثلث بقضائه: فإنه يُقضى من رأس مال الميت وإن لم يوص به؛ للتلازم؛ حيث يلزم من وجوب البدائة بالواجب من دين ونحوه قبل الميراث والتبرع: