عن استعماله - وكذلك إذا أصابت نجاسة بدنه أو ثوبه أو المكان الذي يُريد أن يُصلي فيه: فإنه لا تصحُّ صلاته إلا إذا أزال تلك النجاسة والخبث، فهذه هي الطهارة الحقيقية، فإن قلتَ: لِمَ قال: "وما في معناه"؟ قلتُ: ليُبيِّن أن هناك صورًا تُطلق عليها الطهارة ولكن هذا الإطلاق مجازي، منها:"غسل الميت" فإنه يُغسل كغسل الجنابة، ولا يرفع حَدَثه، ومنها:"تجديد الوضوء" فإن المسلم يكون على طهارة ولكن أراد أن يُجدد هذا الوضوء، ومنها:"غُسل يوم الجمعة" أو "غُسل الإحرام" فإنه يفعل ذلك مع أنه على طهارة أحيانًا، ومنها:"الغَسْلة الثانية والثالثة للعضو الواحد من أعضاء الوضوء الأربعة فإنه يفعل مع أن طهارته قد تمَّت، ومنها "التيمُّم" فإنه يُفعل أنه لا يرفع الحدث، فما يفعله المسلم في هذه الصور تُسمى طهارة لكن هذه التسمية مجازية؛ لكون التطهر فيها جاء على صورة الطهارة فقط وإن لم ترفع حدثًا؛ للاستقراء؛ حيث ثبت بعد استقراء استعمال الطهارة: أنها قسمان: أولهما طهارة حدث، وهي تختص بالبدن، وتكون الطهارة منه بالغُسل، أو الوضوء، أو بالبدل عنهما عند تعذُّرهما وهو التيمم، ثانيهما: طهارة حَبَث -وهي النجاسة- وهي التي تكون في البدن، أو الإناء أو الثوب أو المكان، وتكون الطهارة منه: بالغسل، أو المسح، أو النضح، ولا ثالث لهذين القسمين للطهارة الحقيقية، أما غير ذلك فتسمَّى طهارة مجازية كما سبق. فإن قلتَ: لمَ عبَّر الفقهاء عن طهارة الحدث بـ "ارتفاع الحدث" وعن الخبث والنجاسة بـ "زوال الخبث"؟ قلتُ: لأنه يُحكم شرعًا على الحدث -بعد الطهارة- بأنه قد ارتفع وإن لم نر شيئًا؛ حيث إنا قد فعلنا ما أمر به الشارع، أمَّا "الخبث" و "النجس" فإنا نحكم بزواله حِسًّا؛ حيث إنه أمر محسوس؛ لكون الإزالة لا تكون إلا في الأجرام غالبًا -وهي النجاسات التي تكون في الثوب أو البدن أو المكان- فنراها ونرى زوالها، وهذا التفريق جاء من باب التلازم وهو واضح. فائدة: الطهارة في =