(المياه) باعتبار ما تتنوع إليه في الشرع (ثلاثة)(٣) أحدها: (طهور) أي: مُطهِّر، قال
= الأصل تُطلق على أثر الوضوء والغُسل، وإذا أُطلقت على نفس فعل الوضوء والغُسل: فهو خلاف الأصل؛ للتلازم؛ حيث إن المسلم إذا توضأ أو اغتسل يلزم منه أن يُطلق عليه أنه متطهر؛ بخلاف من كان متلبسًا بالوضوء والغسل، فإن قلتَ: لِمَ يبدأ الفقهاء كتبهم بالطهارة؟ قلتُ: لقاعدتين: الأولى: قاعدة: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" حيث إن الصلاة أكد وأعظم ركن -بعد الشهادتين- ولا تصح هذه الصلاة إلا بتقديم الطهارة فقُدمت أحكامها لذلك، وأن تعظيم الله تعالى واجب، ولا يتمُّ إلا بالطهارة من جميع الأقذار والأدناس الحسية والمعنوية، وأن جميع العبادات والمعاملات وغيرها لا يُمكن أن تتم على الوجه الأكمل إلا بالطهارة الظاهرة -وهي طهارة البدن والثوب والمكان- وبالطهارة الباطنة -وهي: طهارة القلوب من الحقد والحسد والكذب والخيانة والنفاق والبغض ونحو ذلك- الثانية: المصلحة؛ حيث إن غسل الأعضاء خمس مرات في اليوم والليلة، والغُسل من الجنابة والحيض والنفاس يتسبب في وقاية المسلم من الأمراض، ويُعطي الجسم نشاطًا، فيُقبل على عباداته وأعماله بكل قوة، ويُفضي ذلك إلى إيجاد مجتمع خال من الأمراض والأوبئة.
(٣) مسألة: المياه ثلاثة أنواع: "ماء طهور" و "ماء طاهر" و "ماء نجس"؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ: في البحر لما سُئل عن التطهر به: "هو الطهور ماؤه" فالسائلون يعلمون أن ماء البحر طاهر؛ حيث إنهم يغسلون أبدانهم وثيابهم منه ولكنهم سألوا: هل يُطهِّر غيره؟ فأجابهم ﷺ بأنه يُطهر غيره، فيلزم من ذلك وجود ماء طاهر، وماء طهور، الثانية: التلازم؛ حيث إن الماء قسمان: أولهما: ما يجوز التطهر به وهو: الماء الطهور، ثانيهما: ما لا يجوز التطهر به وهو نوعان: الأول: "الماء الطاهر" وهو الذي لا يُطهِّر ولا يُنجِّس -كما ذكر القرافي في "الذخيرة"(١/ ١٧٤)، وهو المستعمل في الشرب =