للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثعلب: "طَهور -بفتح الطاء- الطاهر في ذاته المطهر لغيره" أ. هـ، قال تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ (لا يرفع الحدث) غيره، والحدث ليس بنجاسة، بل معنى يقوم بالبدن يمنع الصلاة ونحوها، والطاهر: ضدُّ المحدث

= وغسل الأواني والثياب ونحوها، الثاني: "الماء النَّجس" وهو لا يطهر ويُنجِّس غيره، وهو لا يستعمل لشيء، فيلزم من هذا التقسيم: أن هناك "ماء طاهر" و "ماء طهور"، فإن قلتَ: إن الماء قسمان: "طهور" و "نجس" ولا يوجد "طاهر"؛ وهو رأي كثير من علماء الحنابلة وغيرهم؛ للاستصحاب؛ حيث لا يوجد دليل يُثبت "الماء الطاهر" فيبقى على النفي الأصلي. قلتُ: لقد ثبت وجود ماء طاهر بالسنة والتلازم وقد سبقا. فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "اختلاف نظر العلماء إلى الماء" فمن قسَّم الماء إلى ثلاثة أقسام نظر إلى الماء من حيث التطهير والتنجيس والنفع العام، وتعدِّي ذلك وعدم ذلك؛ حيث إنهم سَمَّوا الماء الطاهر لغيره بـ "الطهور"، وسَمُّوا الماء الطاهر الذي لا يُنجِّس غيره من الثياب والأمكنة والأبدان بـ "الطاهر"، وسَمُّوا الماء الغير طاهر والذي يُنجس غيره من الثياب والأبدان والأمكنة بـ "النجس" ففرقوا بينها؛ لوجود هذا الفرق، حقيقة، أما من قسَّم الماء إلى قسمين: فإنه نظر إلى الماء الذي يُتطهر به وغيره فسمُّوا الماء الذي يُتطهر به بـ "الطهور" والماء الذي لا يُتطهر به بـ "النجس" وظاهر مثل هذا الخلاف: أنه لفظي، فإن قلتَ: لِمَ يبدأ الفقهاء الطهارة بالمياه؟ قلتُ: للتلازم؛ حيث إن كون الماء هو الأصل في التنظيف والتطهير وإزالة النجاسات؛ لما يتميز به من الرقة والدقة واللطافة وسرعة السيلان: يلزم منه أن يُبدأ بمباحثه، فإن عُدم فالتيمم؛ رخصة. فائدة: "المياه": جمع كثرة من "ماء"، وجمع القلة منه: "أمواه" وقد ذكرت التفريق بين جمع القلة والكثرة في كتابي: "أقل الجمع عند الأصوليين" وحاصله: أن جمع الكثرة: ما فوق العشرة، وجمع القلة هو: العشرة وما دونها، فائدة أخرى: "الماء" هو: جوهر سَيَّال بطبعه دقيق رقيق لطيف سريع الجريان والسيلان مُطهر مزيل لسائر النجاسات.

<<  <  ج: ص:  >  >>