بين الناس، وكُره خاليًا في الماء (٤١)(فإن أسبغ بأقل) مما ذكر في الوضوء أو الغسل: أجزأه، و"الإسباغ": تعميم العضو بالماء بحيث يجري عليه، ولا يكون مسحًا (٤٢)(أو
لذا: كره الإسراف فيه، وفي إباحة الزيادة اليسيرة في استعمال الماء: دفع الحرج من وجود زيادة في ذلك، تنبيه: ما ذكره المصنف من مقاييس المد هي مقادير كانت في زمانه وهو عام (١٠٥١ هـ).
(٤١) مسألة: يحرم أن يغتسل المسلم وهو عريان بين الناس، ويُكره أن يبالغ في التَّعرِّي وهو يغتسل وإن كان خاليًا وبعيدًا عن أنظار الناس؛ لقواعد: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"إذا اغتسل أحدكم فليستتر" حيث أوجب الشارع على المغتسل أن يستتر؛ لأن الأمر مطلق وهو يقتضي الوجوب، وترك الواجب حرام، الثانية: السنة الفعلية؛ حيث "إنه ﷺ استتر بثوب واغتسل"، الثالثة: المصلحة؛ حيث إن المبالغة في التعري قد يؤدِّي إلى أن يؤذيه بعض الجن الساكنين في المياه، فنظرًا لهذا الاحتمال: كُرهت المبالغة في ذلك.
(٤٢) مسألة: إذا أسبغ المسلم الوضوء والغسل - بأن أجرى الماء على بدنه - بأقل من مد للمتوضئ، أو أقل من صاع للمغتسل: فإنه يجزئه؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ وقال تعالى في الوضوء: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ .. ﴾ حيث أوجب الاغتسال؛ لأن الأمر مطلق، فيقتضي الوجوب، و "الغسل" تعميم العضو، أو البدن بالماء بحيث يسيل ويجري عليه، وقد فعله، فيلزم: أن يجزئه أدنى ما يطلق عليه اسم الغسل، لفعله ما وجب عليه فعله، ولا يُسمى هذا مسحًا؛ لأن "الغسل" غير "المسح" لغة وشرعًا، فإن قلتَ: لِمَ أجزأ ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تيسير وتوسعة على المسلمين؛ فلم يُقيَّد المسلم بالمد والصاع بحيث لا يزيد ولا ينقص.