وبعد موته (١٢) وله عزل نفسه شاء متى (١٣)، وليس للموصى إليه أن يوصي إلا أن يجعل إليه (١٤)(ولا تصح وصية إلا في تصرُّف معلوم) ليعلم الوصي ما أوصي إليه
(١٢) مسألة: يصح أن يقبل الموصى إليه الوصية في حياة الموصى، وبعد موته؛ للتلازم؛ حيث إن الوصية إذن في التصرُّف: فيلزم صحة قبول الموصى إليه بعد ذلك الإذن: سواء كان ذلك القبول في حياة الموصى أو بعد مماته.
(١٣) مسألة: يُباح للموصى إليه: أن يعزل نفسه متى شاء: سواء كان قادرًا على تدبير الوصية أو لا، وسواء كان ذلك في حياة الموصى، أو بعد موته، في حضوره، أو غيبته، ولكن بشرط: أن يوجد حاكم عادل قوي، فإذا وُجد ذلك: فإن الموصى إليه يُبلغه بأنه عزل نفسه عن تلك الوصية، أما إن لم يوجد حاكم؛ أو وُجد ولكنه ليس بعادل: بأن كان غير قادر على الحكم بالعدل بين الناس، أو كان قد علم منه: أنه يولي على الناس الفسَّاق والمنافقين: فلا يجوز للموصى إليه أن يعزل نفسه؛ لقاعدتين: الأولى: القياس؛ بيانه كما أن الوكيل يعزل نفسه متى شاء، فكذلك الموصى إليه والجامع: أن كلًّا منهما مُتصرِّف بالإذن، الثانية: المصلحة؛ حيث إن وجوب المحافظة على الأمانة وحق ذلك الموصى: يوجب ذلك الشرط، لأن ترك الوصية وعزل الموصى إليه نفسه بدون وجود حاكم عادل قوي: فيه تضييع لحق ومال ذلك الموصى، وهذا ظلم، وهذا لا يجوز فدفعًا لذلك: اشترط ذلك الشرط.
(١٤) مسألة: إذا أوصى بكر إلى زيد بأن يتولَّى تدبير شؤون الوصية: فلا يجوز لزيد أن يوصي بذلك إلى عمرو، إلا أن يأذن له بكر بأن يقول:"أوصيت إليك بتدبيرها، وأذنت لك أن توصي إلى من شئت" أو يقول: "من أوصيت إليه فله الحق بأن يوصي" للقياس؛ بيانه: كما أن بكرًا لو وكَّل زيدًا فلا يجوز لزيد أن يوكِّل غيره إلا إذا أذن الموكل - وهو بكر - له فيجوز، فكذلك الموصى إليه مثل الوكيل، والجامع: أن كلًّا من الموكِّل والموصي عالم بما تقتضيه المصلحة، وأن الوكيل =