للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عصبته هم الذين يرثون وهكذا - كما سبق بيانه في العصبة النسبية؛ وهذا الإرث هنا يلي العصبات النَّسَبية للعتق مباشرة، ويُقدَّم على الرَّد على أصحاب الفروض، وعلى إرث ذوي الأرحام، وهو قول الجمهور؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ وهي من وجهين: أولهما: قوله : "الولاء لمن أعتق" فأثبت الشارع الولاء للمعتِق، ونفاه عمّن سواه، فيكون المعتِق أولى بالمعتَق من غيره بإرث وغيره.

ثانيهما: أن رجلًا سأل النبي عن مال عبد قد أعتقه، فقال النبي : "إن مات ولم يدع وارثًا، فلك ماله" وهو صريح في أن المعتِق هو الذي يرث المعتَق إذا لم يوجد من يرثه من أصحاب الفروض، أو العصبات؛ الثانية: السنة الفعلية؛ حيث إنه كان لبنت حمزة مولى أعتقته، فمات وترك ابنته، ومولاته - وهي بنت حمزة - فأعطى النبي ابنته النصف، وأعطى بنت حمزة النصف" حيث دل هذا على أن المولى الأعلى - وهو المعتِق - يرث العبد الذي أعتقه، وأنه يرثه تعصيبًا، وأنه مقدم على الرَّد، ومعروف أن الرَّد مقدم على إرث ذوي الأرحام، فإن قلت: لم جعل الشارع المعتِق وارثًا للمعتَق تعصيبًا؟ قلت: للمصلحة؛ حيث إن الشارع جعل للمعتِق هذا الحق مكافأة على نعمة الإعتاق والحرية التي أعطاها المعتِق للعتيق، وهذا فيه حثّ على الإعتاق؛ لأن الشخص إذا علم أنه يرث ذلك العتيق - إن مات ولم يترك وارثًا -: فإنه سيسارع إلى إعتاقه، وبهذا يكون له الخير من جانبين: خير وأجر الإعتاق عند الله، وخير الميراث الدنيوي، فإن قلت: ما الفرق بين العصبة النسبية والعصبة السببية - وهو الإعتاق -؟ قلتُ: النسب يوجب الميراث بين الجانبين: فكما يرث الابن أباه، فكذلك يرث الأب ابنه، وأما العصبة السببية - وهو: الإعتاق - فلا يوجب الميراث إلا من جانب واحد، وهو جانب المعتِق؛ حيث إن المعتِق هو الذي يرث العتيق، دون العكس، فإن قلتَ: إن قوله تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ =

<<  <  ج: ص:  >  >>