وهو: التدبير) سمِّي بذلك؛ لأن الموت دبر الحياة (١٥)، ولا يبطل بإبطال ولا رجوع (١٦)، ويصح وقف المدبر، وهبته، وبيعه، ورهنه (١٧)، وإن مات السيد قبل بيعه: عتق إن خرج من ثلثه وإلا فبقدره (١٨).
(١٥) مسألة: يصح التدبير، وهو تعليق العتق بالموت: فيقول سيد مالك غير محجور عليه وغير مدين لعبده: "أنت مدبر" أو يقول: "أنت حر عن دبر مني" وهو لفظ التدبير، فإذا مات السيد: كان ذلك العبد المدبَّر حرًا ولو لم يرضَ الورثة؛ للإجماع؛ حيث أجمع العلماء على أن من دبَّر عبده أو أمته ولم يرجع عن ذلك حتى مات: فإنه يعتق، فإن قلتَ: لِمَ سمِّي بذلك الاسم؟ قلتُ: لكونه مشتق من دبر الحياة والدنيا، وهو آخرها، وهو الموت.
(١٦) مسألة: لا يبطل التدبير بإبطال، ولا رجوع، أي: إذا قال السيد: قد رجعتُ في تدبيري، أو أبطلته: فلا يبطل؛ للقياس؛ بيانه: كما أن الشرط لا يبطل بإبطاله بأن يقول السيد لعبده: "إن دخلتَ الدار فأنتَ حر": فلا يبطل ذلك الشرط بإبطاله في الحياة، فكذلك التدبير لا يبطل بالإبطال، والجامع: أن كلًّا منهما فيه تعليق بصفة فلا يملك إبطاله.
(١٧) مسألة: يصح أن يوقف السيد المدبَّر، ويهبه لغيره، ويبيعه على غيره، ويرهنه: ويبطل بذلك التدبير؛ للسنة القولية؛ حيث إن رجلًا أعتق مملوكًا له عن دبر، فاحتاج فقال النبي ﷺ:"من يشتريه مني" فباعه من نعيم بن عبد الله بثمانمائة درهم فدفعها إليه، وقال:"أنت أحوج منه" والوقف، والهبة، والرهن كالبيع، لعدم الفارق من باب "مفهوم الموافقة".
(١٨) مسألة: إذا مات السيد المدبَّر قبل بيع المدبَّر، أو وقفه، أو هبته، أو رهنه: فإن المدبَّر يكون حرًا بشرط: أن يخرج ذلك المدبَّر من ثلث مال المدبِّر، أو يجيزه الورثة، فإن لم يخرج: فإنه يعتق من المدبِّر بقدر الثلث؛ لقاعدتين؛ الأولى: القياس؛ بيانه: كما أن الوصية لا تزيد عن الثلث، فكذلك المدبَّر والجامع: أن كلًّا منهما=