(فصل): في الضرب الثاني من المحرمات (وتحرم إلى أمد أخت معتدته، وأخت زوجته، وبنتاهما) أي: بنت أخت معتدته، وبنت أخت زوجته (وعمتاهما، وخالتاهما) وإن علتا من نسب أو رضاع، وكذا بنت أختيهما، وكذا: أخت مستبرأته، وبنت أخيها، أو أختها، أو عمّتها، أو خالتها؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ وقوله ﵇: "لا تجمعوا بين المرأة وعمتها، ولا بين
= أخيه، وأخته من الزنا؛ للقياس؛ بيانه: كما أن الوطء المباح ينشر الحرمة في ذلك، فكذلك الوطء الحرام ينشر الحرمة، والجامع: أن تلك المرأة مخلوقة من مائه، أو ماء ابنه، أو ماء أخيه، أو ماء أخته.
[فرع ثان]: إذا أفسد رجل امرأة على زوجها، فإنه يعزَّر تعزيرًا شديدًا، ولو تزوجها بعدما أفسدها على زوجها الأول: فإن هذا النكاح باطل، يجب أن يفرَّق بينهما؛ للمصلحة: حيث إن ذلك فيه منع الناس من أن يفسدوا النساء على أزواجهن، معاملة له بنقيض قصده فلو تسامح الشارع بذلك لما بقيت امرأة في بيت زوجها إلا ما ندر. قياسًا على الوارث إذا قتل مورَّثه: فإنه يحرم من الميراث، حيث قال ﷺ: "القاتل لا يرث" فلو تسامح الشارع بذلك لقتل أكثر الناس مورثيهم.
[فرع ثالث]: إذا قتل رجل رجلًا آخر ليتزوج امرأته: فإنها لا تحل للقاتل؛ للمصلحة: وقد بيناها في الفرع الثاني، فإن قلت: لِمَ شُرعت تلك الأحكام في تلك الفروع الثلاثة؟ قلتُ: للمصلحة، وقد بيّنا بعضها فيما سبق، وأيضًا: الحث على إيجاد مجتمع إسلامي خال من التحاسد والحقد، والبغضاء والفساد، وأخذ الإنسان حق أخيه بالباطل، والخلاصة: أن من آذى غيره في أي أذية - صغيرة أو كبيرة - فسيسلِّط الله عليه من يؤذيه بشيء أشدّ مما آذى هو غيره به، مع الأمراض والأوجاع التي لا علاج لها، وهذا شيء ثابت شرعًا وعقلًا، وعادة، لكن المسألة مسألة وقت فقط.