= فكأنها لم تذنب أصلًا فأومأ إلى اشتراط التوبة من كل ذنب، ثانيها: قوله ﷺ: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه زرع غيره" يقصد: أن وطء وجماع الحامل من غيرك محرم؛ لأن النهي هنا مطلق، وهو يقتضي التحريم والفساد وهو يُفيد بأنه لا بد من انقضاء عدة تلك الزانية، ثالثها: قوله ﷺ: "لا توطأ حامل حتى تضع" فحرم عليك وطء الحامل من غيرك؛ لأن النهي مطلق، وهو يقتضي التحريم، والفساد، ودل مفهوم الغاية على أن الحامل من غيرك إذا وضعت حملها وهي مفارقة لزوجها: فإنها تحل لك، الثالثة: القياس؛ بيانه: كما أن الموطوءة بشبهة تعتد بعد هذا الوطء، فكذلك المزني بها مثلها، والجامع: أنه يُحتمل في كل منهما أن تكون حاملًا، فإن قلتَ: لِمَ اشتُرط هذان الشرطان؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه احتياط للدِّين واحتياط للأنساب، وراحة للبال، فإن قلت: لا يُشترط الشرط الأول - وهو: أن تتوب من الزنا - بل يتزوجها من شاء، ولو لم تظهر توبتها، وهو قول الجمهور؛ لقول الصحابي؛ حيث ثبت عن عمر أنه جلد رجلًا وامرأة زنيا، وحرص أن يجمع بينهما، فأبى الرَّجل، وثبت أن رجلًا سأل ابن عباس عن نكاح الزانية فقال:"يجوز، أرأيت لو سرق من كرم ثم ابتاعه أكان يجوز؟ " ولم يبينا شرط التوبة. قلتُ: عنه جوابان: أولهما: أن ذلك اجتهاد من عمر وابن عباس قد خالف الظاهر من الكتاب والسنة، فلا يؤخذ بقولهما؛ لأنه لا اجتهاد مع النص، ثانيهما: أن الظاهر أن عمر قد استتابهما؛ لأن عبارة:"وحرص أن يجمع بينهما" وعمر لا يمكن أن يجمع بين زانيين إلّا إذا أظهرا التوبة، أما قول ابن عباس وهو: جواز نكاح الزانية فهو صحيح، ولم يتعرض لشرط التوبة؛ لكون شرط التوبة مشتهر بين الصحابة فلا يُذكر لهذه الشهرة، فإن قلتَ ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "معارضة قول الصحابي لظاهر الكتاب والسنة"، فإن قلتَ: لا يشترط الشرط الثاني - وهو: أن تنقضي =