للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطأها زوج غيره) بنكاح صحيح؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا: فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ (٣٣) (و) تحرم (المحرمة حتى تحل) من إحرامها؛ لقوله :

= عدتها بعد وطء الزاني فلا يجب عليها العدّة - وهو قول كثير من العلماء ومنهم الشافعي؛ للقياس؛ بيانه: كما أن وطء الصغير لا يوجب العدة فكذلك وطء الزاني، والجامع: أنه في كل منهما لا تصير به فراشًا، قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن الصغير إذا وطأ لا يُحتمل منه الحمل، بخلاف الزاني فيحتمل منه الحمل، ونظرًا لهذا الاختلاف بينهما في الاحتمال: اختلف الحكم، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياسين" فألحقناها بالموطوءة بشبهة، وهم ألحقوها بمن وطأها صغير، تنبيه: قوله: وتوبتها: أن تراود فتمتنع" أي أن يطلب منها رجل ثقة الزنا: فإن أبت: فهي تائبة، وهو قول ابن عمر. قلتُ: هذا بعيد جدًّا - كما ذكره ابن قدامة - فلا يجوز لمسلم أن يطلب الزنا من أي امرأة سواء كان جادًا أو هازلًا، ثم طلبه لذلك يكون عادة في خلوة، ولا تحل الخلوة بأجنبية، ولو كان في تعليمها للقرآن، أو غير ذلك من الطاعات؛ لأنه ما من رجل وامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما يزينها في نظره، ويُزينه في نظرها حتى تقع المصيبة العظمى - وهي الزنا - فتكون المهلكة لهما، والقاضية عليهما.

(٣٣) مسألة: إذا طلَّقت زوجتك بالثلاث: بأن قلت: "أنت طالق ثلاثًا" أو "أنت طالق، طالق، طالق" أو أنك طلقتها، وراجعتها، ثم طلقتها وراجعتها، ثم طلقتها: فإن تلك الزوجة تحرم عليك، حتى تتزوج زوجًا غيرك، ويدخل بها ويُجامعها، فإن طلقها الزوج الثاني: فإنها تحل لك؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا: فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ بعد قوله: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ حيث حرم الشارع وطء مطلقته ثلاثًا حتى يطأها زوج غيره؛ لأن لفظ: "فلا تحل" من ألفاظ التحريم الصريحة، ودل مفهوم الغاية من =

<<  <  ج: ص:  >  >>