= بينهما، فإذا أسلم فإنه يجوز ذلك؛ للإجماع، ومستنده الكتاب: حيث قال تعالى: ﴿وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا﴾ وهذا نهي مطلق فيقتضي التحريم والفساد، وقوله تعالى: ﴿لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ﴾ حيث إن نفي التحليل وهو من صيغ التحريم الصريحة فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن تزويجها بكافر فيه إذلال للمسلمة، فحرم؛ إكرامًا لها.
(٣٦) مسألة: يجوز للمسلم - ولو كان عبدًا - أن ينكح ويتزوج نساءً من حرائر أهل الكتاب - اليهود والنصارى - سواء كن من أهل الذمة، أو حربيات، ولا يجوز له نكاح غيرهن من الإماء الكافرات، أو حرائر وإماء المجوس، أو الوثنيات، ولا غيرهن من نساء أجناس الكفار الذين لا كتاب لهم؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ حيث حرم أن يتزوج المسلم بالكافرة ولو وقع: لوجب التفريق، لأن النهي مطلق، وهو يقتضي التحريم والفساد، وهو عام الجميع الكافرات والمشركات: سواء كن من أهل الكتاب أو لا؛ لأن "المشركات" جمع معرف بأل، وهو من صيغ العموم، ثم خصَّص الله تعالى نساء أهل الكتاب بجواز الزواج بهن؛ حيث قال تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ فأباح الزواج بهن، وهو قول عمر وعثمان، فبقيت نساء غير أهل الكتاب على التحريم؛ حيث إن العام حجة فيما بقي بعد التخصيص، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه توسعة على المسلمين، وخُصِّصت نساء أهل الكتاب؛ لكونهن يؤمن بالله تعالى، فيبعد عنهن احتمال عدم نظافتهن، أو فعلهن للزنا، فيغلب على ظنه أن ما في أرحامهن هم أولاده حقيقة فجاز الزواج بهن بخلاف نساء غير أهل الكتاب: فإنه لا يُستبعد عنهن الزنا؛ لعدم خوفهن من الله تعالى فيغلب على الظن أن ما في أرحامهن =