(و) لا يتقدَّر الصداق، بل (كل ما صح) أن يكون (ثمنًا، أو أجرة: صح) أن يكون (مهرًا، وإن قلَّ)؛ لقوله ﷺ:"التمس ولو خاتمًا من حديد" متفق عليه (٧)(وإن أصدقها تعليم القرآن: لم يصح) الإصداق؛ لأن الفروج لا تستباح إلا بالأموال؛ لقوله تعالى: ﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾ وروى النجَّاد: أن النبي ﷺ زوَّج رجلًا على سورة من القرآن ثم قال: "لا تكون لأحد بعدك مهر مهرًا"(٨)(بل) يصح أن يصدقها
= نهيتكم أن تزيدوا النساء في صداقتهن على أربعمائة درهم، فمن شاء أن يُعطي من ماله ما أحب" الثانية: السنة التقريرية؛ حيث إن النبي ﷺ لما خطب أم حبيبة وهي في الحبشة، وعلم النجاشي بذلك أصدقها عنه أربعة آلاف درهم، ولم ينكر النبي ﷺ، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن بعض الناس قد توجد عنده بعض العيوب فيزين نفسه بكثرة المهر والصداق، الجذب بعض النساء إليه بالحلال.
(٧) مسألة: لا حدَّ لأقل الصداق والمهر، فيصح بمال قليل جدًّا ولكن بشرط: أن يكون هذا المال متمولًا وثمنًا أي: يصح أن يُباع هذا المال، ويُشترى به، ويؤجَّر، ويُستأجر به، أما ما لا يتمول كالنواة: فلا يصح؛ للسنة القولية: حيث قال ﷺ: "التمس ولو خاتمًا من حديد" حيث لزم من ذلك: صحة المهر بكل ما يُطلق عليه اسم المال وإن قل، وأجاز زواج من تزوج امرأة بنعلين، وأجاز زواج من تزوج بملء يده طعامًا، فإن قلت: لِمَ شُرع هذا؟ قلت: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تيسير الزواج للإحصان، وإصلاح المجتمعات كما سبق.
(٨) مسألة: يصح أن يكون المهر والصداق شيئًا من القرآن: آيات أو سورة معينة يُعلِّمها الزوجة إذا لم يوجد مال عنده؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ وهي من وجهين: أولهما: قول ﷺ لرجل: "زوجتكها بما معك من القرآن" - لما عجز ذلك الرجل أن يجد خاتمًا من حديد، ثانيهما قوله ﷺ: "إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله" والمهر والصداق أجرة، الثانية: القياس الأولى كما يجوز أن يكون الفقه =