أي: الطهور (الباقي على خِلْقَتهِ) أي: صفته التي خلق عليها: إما حقيقة: بأن يبقى على ما وُجد عليه: من برودةٍ أو حرارةٍ أو ملوحةٍ ونحوها، أو حكمًا كالمتغيِّر بمكث، أو طُحْلُب ونحوه مما يأتي ذكره (٥)(فإن تغيَّر بغير ممازج) أي: مخالط (كقطع كافور) وعود قماري (أو دهن) طاهر على اختلاف أنواعه، قال في "الشرح" وفي معناه: ما تغير بالقطران، والزفت والشمع؛ لأن فيه دهنية يتغيَّر بها الماء (٦)
= الأصلية كنجاسة الكلب والخنزير؛ حيث لا يمكن تطهيرهما ولو غُسلا مائة مرة بالماء أو بغيره من المنظفات.
(٥) مسألة: يُشترط في الماء الطهور: أن يكون باقيًا على صفته التي خُلق عليها، دون تغيير: سواء كان هذا البقاء حقيقة وواقعًا، أو كنا قد حكمنا شرعًا بظهوريته ولو وقع فيه شيء طاهر لا يمكن الاحتراز منه، وتغيَّر به: كطول مكثه أو سقوط أوراق الأشجار فيه ونحو ذلك -أو وجود "طحلب"- وهو شيء أخضر يعلو الماء؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب، حيث قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ فقد وصف الماء بأنه طهور، والطهور -كما سبق- هو: الطاهر في نفسه المطهر لغيره؛ لكون "طهور" من الأسماء المتعدية. الثانية: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"الماء طهور لا يُنجسه شيء" وقال ﷺ في البحر-: "هو الطهور ماؤه" ويُقال فيه كما قيل في الآية، وهذا لا يخلو من تغيرُّه بسبب طول بقاء أو نحو ذلك، فإن قلتَ: لم اشترط ذلك؟ قلتُ: لبيان أن الماء الباقي على أصل خِلْقَتهِ هو: الذي تتوفر فيه شروط التطهير والتنظيف، للكونه دقيقًا رقيقًا سريع السيلان مُزيلًا لجميع الأوساخ والأقذار، بخلاف غيره من المائعات -كماء الورد وماء الزعفران ونحوها- فإنه لا يُنظف، بل يزيد الأوساخ والأقذار؛ لما يتميز به من اللزوجة.
(٦) مسألة: يباح التطهر بماء وقع فيه شيء طاهر لا يختلط فيه، ولا يذوب فيه كقطعة من طيب لا تذوب -كالكافور أو عود قماري ونحوهما- أو أي شيء =