ومن بان) أي: ظهر (حملها) فإذا قال لإحداهن: "أنتِ طالق للسنة طلقة، وللبدعة طلقة: وقعتا في الحال إلّا أن يريد في غير الآيسة إذا صارت من أهل ذلك (٢٧)، وإن
لابن عمر بمراجعة امرأته لما طلقها وهي حائض، والأمر هنا للاستحباب قلتُ: لم أجد قرينة صرفت هذا الأمر من الوجوب إلى الندب والاستحباب، فيبقى الأمر على مقتضاه الأصلي وهو الوجوب، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الخلاف في أمر النبي ﵇ لابن عمر بمراجعتها هل هو للوجوب، أو للاستحباب" فعندنا: للوجوب؛ لأن الأمر المطلق يقتضيه، وعندهم للاستحباب؛ لأن الأمر المطلق يقتضيه؛ لكونه أقل أحوال الأمر، وقد خالفوا هنا أصلهم؛ إذ الأصل عند جمهور العلماء: أن الأمر المطلق للوجوب.
(٢٧) مسألة: إذا طلَّق زوج زوجته الصغيرة التي لا يحمل مثلها؛ أو طلَّق زوجته الآيسة من الحمل، أو طلَّق زوجته غير المدخول بها، أو طلَّق زوجته التي ظهر حملها: فإنه يجوز ذلك الطلاق في أي وقت، فلا سنة ولا بدعة في طلاق تلك النساء الأربع: فمثلًا لو قال لواحدة منهن: "أنتِ طالق للسنة طلقة، وللبدعة طلقة" فإن هاتين الطلقتين تقعان حال نطقه بهما، إلا إذا أراد بهذا القول إذا صارت الصغيرة، أو الحامل أو غير المدخول بها أهلًا للحيض فيما بعد: فإنه يوجد طلاق سني، وبدعي لهن على حسب مراد الزوج القائل؛ للتلازم؛ حيث إن الصغيرة والآيسة لا تعتد بالحيض والأطهار بالأشهر وغير المدخول بها لا يخاف حملها، وعدَّة الحامل بوضع حملها يلزم منه: أن لا طلاق لها سنِّي ولا بدعي، بل يقع الطلاق متى ما طلَّق الزوج، ويلزم من ذكره الطلاق السني والبدعي وقوعهما في الحال؛ لكون تلك النساء لا تقبل تلك الصفة فتحذف تلك الصفة، ويبقى الطلاق، ويلزم من إرادته وقصده أنها إذا صارت فيما بعد من أهل ذلك الوصف - وهو قبولها للبدعي والسني -: فيقع عليها هذان الوصفان؛ عملًا بمقصده ونيته، وكون ذلك محتملًا من تلك النساء الثلاث؛ لذلك استبعدت =