قوله لها (اختاري نفسك بواحدة، وبالمجلس المتصل ما لم يزدها فيهما) بأن يقول لها: "اختاري نفسك متى شئتِ" أو "أي عدد شئتِ" فيكون على ما قال؛ لأن الحق له، وقد وكَّلها فيه، ووكيل كل إنسان يقوم مقامه، واحترز بالمتصل عما لو تشاغلا بقاطع قبل اختيارها، فيبطل به (٥٥)، وصفة اختيارها:"اخترت نفسي" أو "أبوي" أو
يجوز أن يعمل على التوكيل متى ما شاء: فورًا وعلى التراخي إذا أُطلق له وقت الوكالة، وتبطل تلك الوكالة إذا انتهى وقت الوكالة المحدَّد، أو يبطلها الموكِّل، أو يرفضها الوكيل، أو يحصل شيء يفسخ الوكالة كموت الوكيل، أو الموكِّل، فكذلك الحال هنا، والجامع: أن كلًّا من المقاس، والمقاس عليه قد وُجدت فيهما حقيقة التوكيل.
(٥٥) مسألة: إذا قال الزوج لزوجته: "اختاري نفسكِ" ونوى به الطلاق: فإن الزوجة تملك طلقة واحدة فقط بشرطين: أولهما: أن تختار في المجلس المتصل بذلك القول منه، فإن تشاغل الزوجان بقاطع من الكلام غير الطلاق، أو قاما أو أحدهما قبل اختيارها: فإن هذا القول يبطل، وليس لها أن تختار لنفسها فلا تملك شيئًا من الطلاق، ثانيهما: أن لا يزيد على ذلك القول شيئًا، فإن زاد فيه كأن يقول لها:"اختاري نفسك متى شئتِ" أو قال: "اختاري نفسك أيَّ عدد شئتِ": أو نوى وقتًا، أو عددًا: فإنه يُعمل على ما قال من الزيادة، أو نواه؛ لقواعد: الأولى: التلازم؛ حيث يلزم من لفظ "اختاري" بدون زيادة تفويضها تفويضًا معينًا فإذا اختارت تناول أقل ما يطلق عليه الاسم، وهو طلقة واحدة رجعية، ويلزم من كون ذلك بلا عوض: أن لا تكون بائنًا، الثانية: قول الصحابي؛ حيث قضى عمر وعثمان وابن عمر، وابن مسعود في الرجل يخير امرأته بدون زيادة أن لها الخيار ما لم يتفرقا، ما داما في المجلس، الثالثة: القياس؛ بيانه: كما أنه يُشترط في خيار القبول للمبيع الفورية، فكذلك ما نحن فيه، والجامع: أن كلًّا منهما خيار تمليك.