فشرب بعضه: فإنه يحنث؛ لأن شرب جميعه ممتنع، فلا تنصرف إليه يمينه، وكذا: لو حلف لا يأكل الخبز، أو لا يشرب الماء فيحنث ببعضه (٥٦)(وإن فعل المحلوف عليه) مكرهًا، أو مجنونًا، أو مغمى عليه، أو نائمًا: لم يحنث مطلقًا و (ناسيًا، أو جاهلًا: حنث في طلاق وعتاق فقط)؛ لأنهما حق آدمي، فاستوى فيهما العمد، والنسيان والخطأ كالإتلاف، بخلاف اليمين بالله ﷾، وكذا: لو عقدها يظن صدق
فأدخل بعض جسده فيها ولم يُدخله كله، أو دخل طاق الباب - وهو مدخله فقط -، أو حلف بأنه لا يخرج منها قائلًا:"والله لا أخرج من هذه الدار" فأخرج بعض جسده منها فقط، ولم يخرجه كله أو حلف بأنه لا يلبس ثوبًا من غزل تلك المرأة قائلًا:"والله لا ألبس ثوبًا من غزلها" فلبس ثوبًا فيه بعض غزلها، أو حلف بأنه لا يشرب ماء هذا الإناء قائلًا:"والله لا أشرب ماء هذا الإناء" فشرب بعض مائه: فإنه في تلك الصيغ الأربع لا يحنث، فلا تجب عليه كفارة اليمين؛ للتلازم؛ حيث إن ظاهر هذه الصيغ الأربع قد دلَّ على أنه حلف عن الكل والجميع؛ لأن "الدار" و "الإناء" اسم مفرد محلى بأل، وهو من صيغ العموم، "ثوبًا" نكرة في سياق نفي، وهو من صيغ العموم، فيلزم من ذلك أنه إذا فعل البعض: فإنه لا يحنث؛ لكونه لم يتحقَّق الشرط.
(٥٦) مسألة: إذا حلف مكلَّف فقال: "والله لا أشرب ماء هذا النهر" أو قال: "والله لا آكل الخبز"، أو قال:"والله لا أشرب الماء": فإنه يحنث إذا شرب بعض ماء النهر، وإذا أكل بعض الخبز، وإذا شرب بعض الماء، وتجب عليه كفارة اليمين؛ للتلازم؛ حيث إنه حلف على شيء لا يمكن له أن يفعله كله، فلا تنصرف إليه يمينه؛ حيث لا يمكنه أن يشرب جميع ماء النهر، ولا أن يأكل جميع الخبز الذي على وجه الأرض، ولا أن يشرب جميع الماء الذي على وجه الأرض فيلزم أن لا تنصرف يمينه إليه، بل تنصرف إلى بعضه، ويلزم من شربه لبعضه: أن يحنث، وتجب عليه كفارة اليمين.