للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضه) أي بعض ما حلف لا يفعله: (لم يحنث إلا أن ينويه) أو تدل عليه قرينة كما تقدَّم فيمن حلف لا يشرب ماء هذا النهر (٥٨) (وإن حلف) بطلاق، أو غيره (ليفعلنَّه) أي: شيئًا عينه: (لم يبرأ إلا بفعله كله) فمن حلف ليأكلنَّ هذا الرغيف: لم يبرأ حتى يأكله كله؛ لأن اليمين تناولت فعل الجميع، فلم يبرأ إلا بفعله (٥٩)، وإن تركه

أي أنه يلزم من وجود السبب - وهو: الإتلاف -: وجوب الحكم وهو: دفع قيمة المتلِف، بصرف النظر عن كونه قد تعمَّد الإتلاف، أو أخطأ، أو كان ناسيًا أو نحو ذلك، بخلاف ما نحن فيه فالمراد: أن يكون قاصدًا فعل المحلوف عليه: فهذا هو الذي يحنث، أما غير القاصد - من المكره، والمجنون، والمغمى عليه والنائم، والناسي، والجاهل، والمخطئ - فلا يحنث إذا فعله: سواء في طلاق أو عتاق أو غيرهما؛ لكونه قد غُطِّي على عقله في تلك الأحوال، ومع الفرق، فلا قياس، فإن قلت: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس مع الكتاب والسنة".

(٥٨) مسألة: إذا حلف على شيء يقدر على فعله كله، ثم فعل بعض ذلك الشيء كأن يقول: "والله لا آكل هذا الطعام" ثم أكل بعضه: فإنه لا يحنث بشرط: أن لا ينوي أن مقصوده البعض، أو أن لا تدل قرينة على أنه أراد ذلك البعض، فإن نواه، أو دلَّت قرينة على أنه قصد البعض: فإنه يحنث إذا أكل البعض؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه لو حلف قائلًا: "والله لا أشرب ماء هذا النهر": فإنه يحنث إذا شرب بعضه، فكذلك الحال هنا والجامع أن كلًا منهما قد وُجد فيه ما يدل على أن المقصود منه البعض من نية، أو قرينة، أو استحالة شرب ماء النهر.

(٥٩) مسألة: إذا حلف على شيء قد عيّنه: فلا يبرأ إلا بفعله كله فمثلًا: لو قال: "والله لأكلنّ هذا الرغيف" أو قال: "والله لأدخلن هذه الدار"، أو قال: "أنتِ طالق إن أكلتُ هذا الرغيف": فإنه يبرأ إذا أكل جميع الرغيف، وإذا دخل بجميع=

<<  <  ج: ص:  >  >>