(فصل): (وإن ادَّعت) المطلقة (انقضاء عدّتها في زمن يمكن انقضاؤها) أي: عدتها (فيه، أو) ادَّعت انقضاء عدتها (بوضع الحمل الممكن، وأنكره) أي: أنكر المطلِّق انقضاء عدتها: (فقولها)؛ لأنَّه أمر لا يُعرف إلا من قبلها، فقبل قولها فيه (وإن ادّعته) أي: انقضاء العدة (الحرة بالحيض في أقل من تسعة وعشرين يومًا ولحظة) أو ادَّعته أمة في أقل من خمسة عشر يومًا ولحظة: (لم تسمع دعواها)؛ لأن ذلك أقل زمن يمكن انقضاء العدة فيه، فلا تسمع دعوى انقضائها فيما دونه، وإن ادَّعت انقضاءها في ذلك الزمن: قبل ببينة، وإلا فلا؛ لأن حيضها ثلاث مرات فيه يندر جدًا (١٢)
كما قال تعالى: ﴿فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾، والحل يثبت في محل فيه تحريم، وهي المطلقة ثلاثًا، بخلاف المطلقة واحدة، أو اثنتين فهي حلال، أي: يحل أن يرجع إليها بدون زوج آخر، فلا يثبت فيها حل، ومع الفرق: فلا قياس، أما قول الصحابي: فلا يصح؛ لأنَّه معارض بقول صحابي آخر - كما سبق - فيتساقطان، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياسين" وأيضًا: تعارض أقوال الصحابة".
(١٢) مسألة: إذا طلق زوج زوجته، ثم أراد أن يرتجعها في عدتها، فادَّعت: أن عدّتها قد انقضت بالاغتسال من الحيضة الثالثة، أو بوضع حملها، وأنكر المطلق ما قالته من كون عدتها قد انقضت بذلك ولا بيّنة لهما: فإنه يُقبل قولها، بدون يمين ويحكم بانقضاء عدتها، فلا يتزوجها إلا بعقد جديد وغيره مما يلزم في كل زواج ابتداء - كما قلنا في مسألة (١٠) - ولكن ذلك بشرط: أن يكون انقضاء عدتها في زمن يمكن انقضاؤها فيه، ووضع حملها الممكن، أما إن لم يمكن ذلك بأن مضى لها شهر فأقل من وقت طلاقها وادعت انقضاء عدّتها: فلا يُقبل ذلك منها إلا ببيِّنة؛ القاعدتين: الأولى: القياس؛ بيانه كما أن المسلم إذا عبَّر بكناية الطلاق أو نحو ذلك مما لا يعرف إلا من جهة نيته وقصده: فإنه يقبل قوله ونيته وقصده فيه بدون يمين، فكذلك الحال هنا، والجامع: أن كلًّا منهما أمر لا يعرف إلا من=