و "الهرُّ": القط، (٢٦) وإن أكل هو، أو طفل ونحوهما نجاسة ثم شرب - ولو قبل أن
(٢٦) مسألة: سؤر الهرة - وهي: ما تبقيه من شرابها أو طعامها، أو لعابها وريقها -: طاهر، وكذا: كل حيوان دون الهرة في الجسم كالفأرة، والوزغ، والضفدع، والضب، والجرذ، والقنفذ، والدجاجة ولو كانت مخلَّاة مثل الهرة في ذلك، فلو شربت تلك الحيوانات من ماء: لجاز التطهر منه، أو سقط لعابها على ثوب أو فراش: لجاز الصلاة فيه؛ للسنة القولية؛ حيث قال ﷺ: - في الهرة -: "إنها ليست بنجس؛ إنها من الطوافين عليكم والطوافات"، فنفى النجاسة عن الهرة، وهذا عام لجسمها، ولما خرج منها؛ لأن "نجس" نكرة في سياق نفي، وهذا من صيغ العموم، وغيرها مما ذكرناه مثلها في عدم النجاسة، لعدم الفارق، بل هي أولى منها؛ لأن الهرة إذا كانت تكثر التطواف بالبيت ويصعب التحرز منها فغيرها مما هو أقل منها جسمًا أصعب منها في ذلك، وأكثر تطوافًا منها، فيكون من باب مفهوم الموافقة الأولى، أو القياس الأولى، فإن قلتَ: لِمَ كان ذلك طاهرًا مع احتمال أكلها للنجاسة بخلاف الكلب؟ قلتُ: الأصل: أن كل الحيوانات غير مأكولة اللحم نجسة كالهرة والكلب وغيرهما، ولكن الشارع قد رخَّص في سؤر الهرة وما دونها من الحيوانات وجعلها طاهرة؛ نظرًا لكثرة تطوافها، وصعوبة تحرز الناس منها، فلو كانت نجسة: لوجب غسل كل شيء سقط عليه لعابها، ولوجب ترك ماء شربت منه، وهذا فيه مشقة على المسلمين؛ لكثرتها في البيوت، ولقلة المياه والمشقة تجلب التيسير، بخلاف الكلب فقد أمر الشارع بغسل الإناء الذي يشرب منه كما سبق - لكونه لا يدخل في المنازل عادة، ويمكن التحرز منه وإذا شرب من إناء - وهو نادر - فلا يشق غسله، فإن قلتَ: إن سؤر الدجاجة المخلَّاة نجس - وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للتلازم؛ حيث إنه يُحتمل أكلها النجاسات فيلزم من ذلك نجاستها قلتُ: إن هذا الاحتمال موجود في الهرة وغيرها مما هو دونها في الجسم فلم يمنع من طهارتها، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلت: سببه: "تعارض التلازم مع مفهوم السنة" فعندنا: يقدم المفهوم لعدم إطراد التلازم، وعندهم: يقدم التلازم؛ لقوة وقوعه.