للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا معدني فيسلبه الطهورية (٨) (أو سُخِّن بنجس: كُره) مطلقًا إن لم

(٨) مسألة: لا يجوز التطهر بماء قد وُضع فيه ملح معدني -وهو الصناعي المستخرج من الأرض- وتغير؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ حيث دلَّ منطوقه على أن التطهر الجائز يكون بالماء فإن تعذر: فيكون بالتيمم، ولا ثالث لهما، ودل بمفهوم التقسيم على أن غيرهما لا يُستعمل للطهارة، وهذا الذي تغير طعمه بسبب وضع المعدني فيه لا يُتطهر به؛ لأن أصل هذا الملح ليس ماء، حيث إنه لا يُطلق عليه ماء، ولا ترابًا لا في الحال، ولا في ثاني الحال، فإن قلتَ: لم لا يتطهر به؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن استعماله يضر ببشرة المسلم؛ لشدة ملوحته، فضلًا عن أنه لا تحصل بسببه الطهارة والنظافة؛ لغلظته؛ فإن قلتَ: لمَ لا يُتطهر بالماء الذي تغير طعمه بسبب وضع الملح المعدني فيه مع أنه يُتطهر بالماء الذي تغير بسبب وضع الملح المائي؟! فهذا تفريق بين متماثلين؛ لذا يُتطهر بهما معًا، لقياس المعدني على المائي، وهو لبعض العلماء كابن تيمية؟ قلتُ: لا يُسلَّم أنهما متماثلان؛ لأن الملح المائي أصله من الماء لذلك نُسب إليه، فيكون حكمه حكم أصله، بخلاف الملح المعدني فليس أصله ماء، بل هو متكون من أشياء خارجية: فلا يكون حكمه حكم الماء؛ ثم إن الملح المعدني مضر بالمسلم كما تقدم بخلاف الملح المائي ومع الفرق: لا قياس. فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه "هل الملح المعدني أصله ماء أو لا؟ فعندنا: لا، وعندهم: نعم. [فرع]: ماء البحر يُتطهر به مطلقًا، أي: سواء كان عذبًا أو مالحًا؛ للسنة القولية؛ حيث قال في ماء البحر-: "هو الطهور ماؤه" فيشمل جميع أنواع مياه البحور؛ لأن "ماؤه" اسم جنس منكَّر أضيف إلى معرفة -وهو الضمير- وهو من صيغ العموم، فإن قلتَ: لمَ يُتطهر به؟ قلتُ: للمصلحة، حيث إن ذلك فيه توسعة على المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>