يحتج إليه: سواء ظُنَّ وصولها إليه، أو كان الحائل حصينًا أو لا، ولو بعد أن يبرد؛ لأنه لا يسلم غالبًا من وصول أجزاء لطيفة إليه (٩) وكذا ما سُخِّن بمغصوب (١٠) وماء بئر بمقبرة، وبقلها
(٩) مسألة: تصح الطهارة بالماء الذي سُخِّن بشيء نجس -كروث حمار مثلًا-: سواء تغير ذلك الماء أو لا، وسواء كان الحائل بين الماء والنار حصينًا أو لا، وسواء برد الماء أو لا، بشرط: أن لا يغلب على ظننا وصول شيء من ذلك النجس إلى الماء؛ للتلازم، حيث إنه يلزم من عدم علمنا -بقطع أو ظن- بوصول بعض النجاسة إلى الماء: طهوريته، فإن قلتَ: لمَ صح ذلك؟ قلتُ: للمصلحة حيث إن تسخين الماء بمثل ذلك يقع كثيرًا بين المسلمين، فلو مُنعوا منه أو كُره لهم ذلك: لَلَحق بعضهم الحرج والمشقة، فدفعًا لذلك: جاز، فإن قلتَ: يُكره ذلك، للتلازم، حيث إنه لا يسلم من وصول نجاسة إلى الماء وإن كانت صغيرة فيلزم من ذلك كراهية التطهر به إن وُجد غيره، قلتُ: إن قطعنا بوصول شيء من جزء من النجاسة أو غلب على ظننا ذلك: فإنه لا يُتطهر به، وإن لم يغلب ذلك، أو شككنا فيه فيُتطهر به؛ لعدم جواز العمل بالمرجوح، أو المشكوك فيه. فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "هل الشك أو المرجوح تنبني عليهما أحكام أو لا؟ " فعندنا: لا، وعندهم: نعم.
(١٠) مسألة: تصح الطهارة بالماء المسخَّن بشيء مغصوب أو مسروق إذا لم يجد غيره، أما إن وجد غيره فلا يصح؛ للقياس، بيانه: كما تصح الصلاة في الدار المغصوبة أو المسروقة إذا لم يكن واجدًا، غيرها، ولا تصح إذا كان واجدًا غيرها، فكذلك هنا مثلها، والجامع: أن كلًا من الصلاة والماء قد توفر فيهما شروطهما بدون موانع، فإن قلتَ: لِمَ جاز ذلك إذا لم يجد غيره؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه توسعة وتيسير على الخلق، فإن قلتَ: لِمَ لا يصح ذلك إذا كان واجدًا غيره؟؟ قلتُ: لحفظ حقوق الآخرين من السرقة والغصب والظلم، فإن قلتَ: إن ذلك مكروه، وهو ما ذكره المصنف - للتلازم؛ حيث يلزم من =