الخمس متفرقات، وهذا راجع إلى العرف، وصفة ذلك: أن الطفل إذا ارتضع، ثم قطع ذلك باختياره قطعًا بيِّنًا: كان ذلك رضعة، فإذا عاد: كانت رضعة أخرى- وإن كان قريبًا-، أما إن قطع الرضعة لتنفُّسٍ أو قطع للانتقال إلى ثدي آخر، أو قطعه لشيء يُلهيه، أو قطعت عليه المرضعة، ثم عاد قريبًا في تلك الصور: فإن يُحسب رضعة واحدة؛ لقاعدتين: الأولى: العرف والعادة؛ حيث إن الشرع ورد بالرضاع مطلقًا ولم يحده بزمن ولا مقدار، فدلَّ ذلك على أنه ردَّهم إلى العرف والعادة التي تجري بينهم في مثل ذلك. الثانية: التلازم؛ حيث إن قطعه للرضاعة لتنفس، أو انتقال أو لملهاة، أو قطع المرضعة له، ثم عوده إلى الرضاعة قريبًا: يلزم منه أن تحسب الأولى، والثانية رضعة واحدة في تلك الصور، الشرط الرابع: أن يكون اللبن المرتضع منه قد اجتمع عن حمل قد تقدم، فإن كان ذلك اللبن من غير حمل: لم يثبت به الحرمة؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون ما خرج منها ليس لبنًا حقيقيًا بل هو رطوبة متولِّدة: أن لا ينشر الحرمة، فإن قلت: إنه لا يُشترط الأول؛ إذ قليل الرضاع وكثيره يحرِّم، وهو قول مالك، والحنفية، ورواية عن أحمد؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ والثانية: السنة وقد سبق ذكرهما في مسألة (٢) حيث ورد ذلك عامًا يشمل القليل والكثير قلتُ: إن حديث عائشة، وما ورد في سالم قد خصَّص الآية والحديث اللذين قد ذكروهما، فإن قلتَ: إنه لا يشترط الثاني؛ فالرضاعة تحرِّم وإن كان المرتضع كبيرًا - أي: فوق الحولين -وهو قول حكي عن عائشة؛ للسنة القولية: وهو حديث سهلة في إرضاع سالم خمس رضعات، وكان كبيرًا، وقال أبو حنيفة: يُحرِّم الرضاع إذا كان الطفل في ثلاثين شهرًا؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ ولم يُرد بالحمل: حمل البطن والأحشاء، فكان المراد: الحمل في الفصال قلتُ: أما حديث سهلة فهو رخصة خاصة بسالم فقط؛ لأنه لو قيل به لخالف ذلك الآية - وهي: ﴿والوالدات يرضعن … ﴾ - وحديث أم سلمة مخالفة صريحة، وأما =