أحمد بما رُوي عن علي: أن امرأة جاءته - وقد طلقها زوجها - فزعمت أنها حاضت في شهر ثلاث حيض فقال علي لشُريح:"قل فيها" فقال شُريح: "إن جاءت ببينة من بطانة أهلها ممن يُرضى دينه وأمانته فشهدت بذلك وإلا: فهي كاذبة" فقال علي: "قالون" أي: جيد بالرومية (ولا حدَّ لأكثره) أي: أكثر الطهر بين الحيضتين؛ لأنه قد وُجد من لا تحيض أصلًا، لكن غالبه: بقية الشهر، (٧) والطهر زمن حيض:
= أيام، ثم اغتسلي وصلي أربعة وعشرين أو ثلاثة وعشرين يومًا كما تحيض النساء، وكما يطهرن لميقات حيضهنَّ وطهرنَّ"؛ حيث أوجب أن تحسب مدة حيضها شهرًا ست أيام، وشهرًا سبعة أيام؛ لأن "أو" للتنويع، ولأن الأمر مطلق، فيقتضي الوجوب، وهذا يُعتبر من أقيسة النبي ﷺ؛ حيث قاس حمنة على غالب النساء، الثانية: العرف والعادة؛ حيث ثبت بعد استقراء غالب النساء أن الحيض يستمر خروجه هذه المدة، والعادة محكَّمة، فإن قلتَ: لِمَ جُعل غالب عادة النساء هذه المدة؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن هذه المدة هي المناسبة لطبيعتهن؛ حيث إن قصر عن هذه المدة لا يمكنه خروجه كله فيضرها وجود بعضه في رحمها، وإن زاد عن هذه المدة زادت مدة منعها عن عبادة الله تعالى.
(٧) مسألة: أقل الطهر بين الحيضتين: ثلاثة عشر يومًا، وغالب الطهر بينهما: أربعة وعشرون أو ثلاثة وعشرون يومًا، وأكثر الطهر بينهما: لا حدَّ له؛ لقواعد: الأولى: الإجماع؛ حيث أجمع العلماء على أنه لا حد لأكثر الطهر، ومستنده: استقراء حالات النساء: فقد وجدت من لا تحيض أصلًا، ووجدت من تحيض بالسنة يوم وليلة، وقالت لي امرأة: أنا لا أحيض إلا كل أربعة أشهر، الثانية: قول الصحابي؛ حيث إن امرأة جاءت إلى علي فقالت: إنها حاضت في شهر واحد ثلاث حيض، فوافقها علي بعد أن امتدح شُريحًا لما قضى في حقها -، وهذا لا يمكن إلا إذا كانت تحيض يوم وليلة فقط؛ حيث إنها حاضت في أول يوم من الشهر فيكون قد مضى لها أربعة عشر يومًا، ثم =