يعف وليه (أو الدية) إن عفا (عليهما) أي: على القاتل، ومن أُكره؛ لأن القاتل قصد استبقاء نفسه بقتل غيره، والمكرِه تسبَّب إلى القتل بما يفضي إليه غالبًا، وقول قادر:"اقتل نفسك، وإلّا قتلتك" إكراه (٢٤)(وإن أمر) مكلَّف (بالقتل غير مكلَّف) كصغير، أو مجنون: فالقصاص على الآمر؛ لأن المأمور آلة له لا يمكن إيجاب القصاص عليه، فوجب على المتسبِّب به (أو) أمر مكلَّف بالقتل (مكلَّفًا يجهل تحريمه) أي: تحريم القتل - كمن نشأ بغير بلاد الإسلام، ولو عبدًا للآمر: فالقصاص على الأمر؛ لما تقدم (أو أمر به) أي: بالقتل (السلطان ظلمًا من لا يعرف ظلمه فيه) أي: في القتل: بأن لم
(٢٤) مسألة: إذا أكره زيد عمرًا - وهما مكلَّفان - على قتل بكر المكافئ له - في الدِّين، والحرية، أو الرق - بأن قال له:"أقتل بكرًا وإلا قتلتك": فقتل عمرو بكرًا: فإنه يقُتص من زيد - المُكرِه - وعمرو - المكرَه -، فيُقتلان قصاصًا ببكر إن لم يعفُ ولي بكر عنهما، أما إن عفا عنهما فتجب الدية عليهما على التساوي بينهما بشرط: أن يكون المكرِه - وهو زيد - قادرًا على قتل عمرو إن امتنع عن قتل بكر، أما إذا لم يكن قادرًا على قتل عمرو إن امتنع، ومع ذلك قتل عمرو بكرًا: فإن القصاص، أو الدية تجب على عمرو فقط، ولا شيء على زيد؛ للتلازم؛ حيث يلزم من قدرة زيد على قتل عمرو إن امتنع عن قتل بكر، وقصد عمرو استبقاء نفسه بقتل بكر: وجوب القصاص على عمرو، ويلزم من كون زيد هو المتسبِّب للقتل بذلك الإكراه: وجوب القصاص عليه أيضًا؛ لأن الإكراه على ذلك يفضي ويؤدي إلى القتل غالبًا، ويلزم من عدم قدرة المكرِه - وهو زيد - على قتل عمرو - إن امتنع عمرو عن قتل بكر -: وجوب القصاص على عمرو فقط، دون زيد؛ لأن عمرًا يستطيع التخلُّص بالامتناع، لكنه لم يفعل فوجب عليه القصاص كالمريد بدون إكراه، وهذا من باب "تكليف المكرَه"، فإن قلتَ: يجب القصاص على المكرِه - وهو زيد -، دون المكرَه - وهو عمرو - هنا، وهو قول أبي حنيفة؛ للقياس؛ بيانه: كما أن السيف أو السهم الذي استعمل للقتل لا يُعتبر، فكذلك =