يعرف المأمور أن المقتول لم يستحق القتل (فقتل) المأمور: (فالقَوَد) إن لم يعف مستحقه (أو الدية) إن عفا عنه (على الآمر) بالقتل، دون المباشر؛ لأنه معذور؛ لوجوب طاعة الإمام في غير المعصية، والظاهر: أن الإمام لا يأمر إلّا بالحق (وإن قتل المأمور) من السلطان أو غيره (المكَّلف) حال كونه (عالمًا تحريم القتل: فالضمان عليه) بالقَوَد، أو الدية؛ لمباشرته القتل مع عدم العذر؛ لقوله ﵇:"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"(دون الآمر) بالقتل، فلا ضمان عليه، لكن يؤدَّب بما يراه الإمام: من ضرب، أو حبس (٢٥)، ومن دفع إلى غير مكلَّف آلة قتل، ولم يأمره به فقتل: لم يلزم
= المكرَه لا يُعتبر، فلا يقتص منه، والجامع: أن كلًا منهما آلة للقتل؛ حيث إن المكرَه صار بالإكراه بمنزلة الآلة، والقصاص إنما يجب على مستعمل الآلة، لا على الآلة قلتَ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن المكرَه له إرادة واختيار، فيستطيع أن يمتنع عن قتل بكر، ثم يقتله زيد - وهو المكره - ولكنه فعل مع استطاعته وقدرته على الامتناع، ولذلك يأثم بالقتل؛ لكونه قاتلًا، ودليله: أنه جرح بالسيف وهو يقتل غالبًا بخلاف آلة القتل - كالسيف والسهم - فلا إرادة لها، ولا قدرة فهي كورقة في رياح، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس مع التلازم" فإن قلتَ: لا يجب القصاص على واحد منهما، وهو قول بعض الحنفية كأبي يوسف؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون المكرِه - وهو زيد - غير مباشر للقتل، إنما هو متسبِّب، والمكرَه مسلوب الاختيار: عدم وجوب القصاص عليهما قلتُ: هذا لا يُسلَّم؛ لأن المكرِه قد تسبَّب إلى القتل بما يفضي إليه غالبًا - وهو الإكراه -، والمكرَه استبقى نفسه بقتل غيره وهذا من أوضح الدلالة على اختياره وإرادته وهذا يصلح جوابًا لمن قال: إن القصاص يجب على المكرَه فقط؛ لأنه هو المباشر، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض التلازمين".
(٢٥) مسألة: إذا أمر زيد عمرًا بأن يقتل بكرًا فقتله ففي القَوَد والقصاص أو الدية =