(من يقتص) له (ثم عفا) الموكِّل عن القصاص (فاقتصَّ وكيله ولم يعلم) بعفوه: (فلا شيء عليهما) لا على الموكِّل؛ لأنه محسن بالعفو، ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ﴾، ولا على الوكيل؛ لأنه لا تفريط منه (٨)، وإن عفا مجروح عن قَوَد نفسه، أو ديتها: صح كعفو وارثه (٩)(وإن وجب الرقيق قَوَد أو) وجب له (تعزير قذف: فطلبه) إليه
= غيره من أنحاء البدن، فيختصّ العفو بالإصبع فقط، ولم يرد من عمرو ما يدل على أن العفو عام لا بلفظ، ولا بإشارة، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الخلاف في العفو هنا هل هو عفو عن محل الجناية، أو عنه وعن ما يسري إليه؟ ".
(٨) مسألة: إذا قتل زيد عمرًا عمدًا عدوانًا، فوكَّل بكر - ولي عمرو - محمدًا ليقتصّ من زيد، فعفا بكر - وهو الموكل - عن زيد، ولم يعلم محمد، فاستوفى - أي محمد - القصاص من زيد: فلا شيء على الموكِّل - وهو بكر - ولا شيء على الوكيل - وهو محمد -، ولا ضمان على أي واحد منهما؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون الموكِّل - وهو بكر - قد أحسن بالعفو: عدم الضمان عليه، وعدم الرجوع عليه؛ لقوله تعالى: ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ﴾، ويلزم من عدم التفريط من الوكيل - وهو محمد -: عدم الضمان عليه؛ لأن العفو قد حصل على وجه لم يعلم به، فيُعذر به.
(٩) مسألة: إذا ضرب زيد عمرًا بسيف ونحوه، فلم يمت عمرو مباشرة، وأمكنه من العفو عن القصاص والقَوَد من زيد، أو الدية: فإن هذا العفو يصح، ولا يُطالب زيد بشيء إذا مات عمرو: سواء كان هذا بلفظ "العفو"، أو "الوصية" أو "الإبراء" أو غير ذلك مما يُفهم إسقاط الحق عن زيد؛ للقياس؛ بيانه: كما أن ولي المقتول - وهو عمرو هنا - إذا عفا عن القصاص، والدية: فإنهما يسقطان عن القاتل - وهو زيد هنا - فمن باب أولى أن يسقطان عن زيد إذا عفا عنهما المجني عليه نفسه - وهو عمرو - قبل أن يموت، والجامع: أنه حق لكل من المجني عليه، =