(و) دية (شبه العمد والخطأ على عاقلته) أي: عاقلة الجاني؛ لحديث أبي هريرة:"اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها، وما في بطنها، فقضى رسول الله ﷺ بدية المرأة على عاقلتها" متفق عليه (٤)، ومن دعا من يحفر له بئرًا
= في كل شيء؛ إذ لا يتحمَّل أحد عقاب ذنب غيره، ويشمل ما نحن فيه، فلا تتحمَّل عاقلة زيد ما تعمَّد فعله، بدون عذر، الثانية: الاستصحاب؛ حيث إن الأصل يقتضي أن المتلِف يدفع ثمن ما أتلفه، والجاني يُعاقب على جنايته؛ لقوله ﵇:"لا يجني جان إلّا على نفسه"، وخولف هذا الأصل بتحمُّل العاقلة دية شبه العمد والخطأ؛ لكثرة وقوعهما، فتتحمَّلها العاقلة؛ مواساة للقاتل وتخفيفًا عنه؛ لأنه معذور، أو شبه معذور بدليل خصص ذلك وبقيت دية العمد يُعمل بها على الأصل، وهو: أن يتحمَّلها من جنى وأذنب؛ لكونه لا يستحق التخفيف. الثالثة: القياس؛ بيانه: كما أن المتلِف يجب عليه أن يدفع قيمة المتلَف حالًا بدون تأخير، فكذلك الدية هنا يجب أن يدفعها الجاني حالًا بدون تأخير والجامع: عدم العذر الذي يجوز التأخير، فإن قلتَ: لِمَ وجبت الدية في مال الجاني هنا ولا تتحمَّل العاقلة ذلك؟ قلتُ: لأن هذا قد وجب عليه القصاص، ومع سقوطه بالعفو اختصّ بتحمُّل الدية، دون عاقلته، فداء لنفسه، أو فداء لطرف من أطرافه، أو لجرح من جروحه.
(٤) مسألة: إذا قتل زيد عمرًا قتل شبه العمد، أو خطأ: فإن عاقلة زيد هي التي تتحمَّل الدية، تحمُّلًا مؤجَّلًا إن شاؤوا؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ وهي من وجهين: أولهما: قول أبي هريرة: "اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فقضى ﵇ بدية المرأة على عاقلتها" أي: حمَّل عاقلة المرأة القاتلة دية المرأة المقتولة، وهذا حصل في شبه العمد - حيث إنها قصدت الفعل، ولكنها لم ترد القتل، وهذه حقيقة شبه العمد - فإذا كانت دية شبه العمد على العاقلة فمن باب أولى أن تكون دية الخطأ عليها من =