لا موالاة (١٩)(وأشد الجلد) في الحدود (جلد الزنى ثم) جلد (القذف ثم) جلد (الشرب ثم جلد (التعزير)؛ لأن الله تعالى خصَّ الزنا بمزيد تأكيد بقوله: ﴿وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾ وما دونه أخف منه في العدد، فلا يجوز أن يزيد عليه في الصفة (٢٠).
تلك النية لصح الضرب والجلد، ولكنه يأثم؛ لعدم نيته؛ للسنة القولية: حيث قال ﵇: "إنما الأعمال
بالنيات" والضرب عمل فيجب أن يُنوى أنه الله تعالى.
(١٩) مسألة: يُشترط في الجلد: الموالاة، وهي: التتابع في الضرب؛ للمصلحة: حيث إن المقصود منه التأديب والإصلاح والرَّدع والزَّجر، وهذا لا يكون إلّا بالتتابع في الضرب، فإن قلتَ: لا يُشترط ذلك، وهو ما ذكره المصنف هنا، قلتُ: لم أجد دليلًا قويًا على ذلك، وإذا لم يحصل التتابع في الضرب فلا يحصل ألم؛ حيث إن المقصود بالضرب إيلام المجلود، ولا يحصل ذلك بعدم التتابع.
(٢٠) مسألة: يجب أن يكون الجلد في الزنى لغير المحصن أشدّ من الجلد في القذف، والجلد في القذف أشد من الجلد في شرب الخمر، والجلد في شرب الخمر أشد من الجلد في التعزير؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى - في جلد الزنى -: ﴿وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾ فخصَّ الشارع جلد الزناة غير المحصنين بهذه الخاصية ولم يذكر ذلك في غيره فلزم منه: أن الجلد في الزنى أشد من غيره، الثانية: التلازم؛ حيث إن كون الجلد في الزنى أعلاها عددًا - حيث إنه مائة جلدة للبكر - يلزم منه أن لا يزيد غيره عليه في الشدَّة، ولا يكون مثله؛ لأنَّه كلَّما خفَّ في عدده: كان أخف في صفته - وهو قوة الضرب - وأنَّه لا يجوز أن يزيد عليه في إيلامه ووجعه؛ لأنَّه يؤدّي إلى أن يكون الأقل عددًا والأشد ضربًا يساوي أو يزيد على الأكثر عددًا والأخفّ ضربًا، وهذا لم يقصده الشارع، ويلزم من كون مفسدة الزنا أعظم المفاسد؛ ثم يليه في عظم المفسدة القذف، ثم يليه في ذلك: شرب الخمر، ثم تلي ذلك المعصية التي تستلزم التعزير والتأديب: أن تكون =