ولا يؤخر حد لمرضٍ، ولو رُجي زواله (٢١)، ولا لحر، أو برد،
عقوبة الزنى أشد ثم تليها عقوبة القذف، ثم عقوبة الشرب، ثم عقوبة المعاصي الأخرى؛ فالعقوبة توافق العمل كما قال تعالى: ﴿جَزَاءً وِفَاقًا﴾.
(٢١) مسألة: إذا وجب حدٌّ على شخص مريض: ففي تأخير إقامة الجلد عليه أولا حالات: الحالة الأولى: إن كان الحدُّ رجمًا، أو قتلًا: فإنه لا تؤخر إقامة الحد عليه، بل يُقام حالًا؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون قتله متحتمًا: أن يُقام عليه الحد؛ لأن مآله إلى الموت، ولا يُنظر إلى مرضه، الحالة الثانية: إن كان الحدُّ جلدًا، ومرضه يُرجى بُرؤه وزواله: فإن الحد لا يُقام عليه، بل يُنتظر حتى يزول مرضه، ثم بعد ذلك يُقام عليه الحدُّ وهو قول الجمهور؛ لقاعدتين: الأولى: المصلحة؛ حيث إن في تأخيره إلى البرء، إقامة الحد على الكمال من غير إتلاف عضو أو منفعته فكان الأولى الأخذ به، الثانية: فعل الصحابي؛ حيث إن عليًا أخر إقامة الحد بحديثة عهد بنفاس فإن قلتَ: لا يؤخَّر إقامة الحد لأجل المرض، بل يُقام الحد حالًا، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ القاعدتين: الأولى فعل الصحابي؛ حيث إن عمر أقام الحد على عثمان بن مظعون في مرضه، الثانية: التلازم؛ حيث يلزم من وجوب إقامة الحد على الفور، وعدم تأخير ما أوجبه الله بغير حجّة: عدم تأخيره لأي سبب قلتُ: أما فعل عمر، فيحتمل أن مرض عثمان كان مرضًا خفيفًا لا يمنع من إقامة الحدّ عليه بكماله وإذا تطرّق الاحتمال إلى الدليل بطل به الاستدلال، وأما التلازم: فلا نسلمه؛ لأنَّه يؤخر الحكم للعذر الشرعي كالمرض ونحوه بدليل الصلاة، وغيرها، فإن قلت: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض أقوال الصحابة وأيضًا: "تعارض التلازم مع المصلحة" الحالة الثالثة: إن كان الحد جلدًا، ومرضه لا يُرجى برؤه وزواله: فإن الحد يُقام عليه حالًا، أي: يُجلد، ولا يُؤخَّر ذلك بشرط: أن يجلد بسوط يؤمن معه التلف، أو بشمراخ من النخل فإن خيف عليه الهلاك، أو تلف شيء من أعضائه: فإنه=