قال تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾ يقصد: المتزوجات، الثانية: السنة القولية؛ وهي من وجهين: أولهما: قوله ﵇: "الثيب بالثيب الجلد والرجم" والثيوبة تحصل بالوطء في القُبُل، دون الدُّبُر، ولا يكون الشخص - من رجل أو امرأة - ثيبًا إلّا إذا بلغ وعقل، ثانيهما: أن ابن عمر قال: "جاء اليهود إلى رسول الله ﷺ فذكروا له أن رجلًا وامرأة زنيا "فأمر بهما ﵇ فرُجما" فدل هذا على أن الإسلام لا يُشترط في الإحصان، فلو تزوَّج مسلم ذمية فجامعها: فإنه يكون محصنًا، الثالثة: الإجماع؛ حيث أجمع العلماء على اشتراط الحرية في الإحصان، فلو زنى عبد بأمة ثيب وهما ثيبان: فلا يرجمان، ومستند ذلك قوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ والرجم لا ينتصف، وإيجابه كله يُخالف النص، وما نُقل من مخالفة أبي ثور والأوزاعي لا يُلتفت إليه؛ لأن الإجماع منعقد على ما قلناه قبل ولادتهما، الرابعة: القياس؛ بيانه: وهو من وجهين: أولهما: كما أن وطء الشبهة لا يحصل به الإحصان، فكذلك وطء في نكاح غير صحيح، والجامع: أن كلًّا منهما وطء في غير ملك، ثانيهما: كما أن الجناية بالزنا ومفاسده استوت من المسلم والذمي، والمستأمن فكذلك يجب أن يستويا في الحد، فإن قلتَ: إن الذمية لا تحصن المسلم، وهي رواية عن أحمد، وهو قول مجاهد والثوري وغيرهما؛ للسنة القولية: حيث قال ﵇: "من أشرك بالله فليس بمحصن" - كما رواه ابن عمر - قلتُ: إن هذا الحديث لم يصح عند كثير من علماء الحديث، وقال بعضهم: إنه موقوف على ابن عمر فلا يقوى على معارضة السنة القولية؛ حيث إنه ﵇ قد رجم اليهوديين، وعلى فرض صحته: فإنه يمكن الجمع بينهما بأن يُحمل حديثهم على إحصان القذف، وسبب هذا الجمع: أن حديثنا - وهو رجم اليهوديين - صريح فإن قلتَ: إنه حكم على اليهوديين بالرجم بحكم التوراة؛ لكونه قد راجعها فوجد الرجم فيه=